للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما لو تعارض عنده طريقان مهلكة وموصلة، ولم يتبين له طريق الصواب لم يكن له الإقدام ولا التخيير، فمسائل الحلال والحرام أولى بالتوقف، والله أعلم" (١).

ويقول النووي رحمه الله تعالى: "ليس للمفتي، ولا للعامل المنتسب إلى مذهب الشافعي رحمه الله تعالى في مسألة القولين أو الوجهين أن يعمل بما شاء منهما، بغير نظر، بل عليه في القولين العمل بآخرهما إن علمه، وإلا فبالذي رجحه الشافعي" (٢).

وقال ابن عابدين: "لا يجوز للمفتي أو العامل أن يفتي أو يعمل بما شاء من القولين أو الوجهين من غير نظر" (٣).

وعللوا ذلك أن الحكم بأحد القولين أو الوجهين من غير نظر اتباع للهوى، وهو حرام (٤).

وحكى ابن عابدين عن العلامة قاسم قوله: "إن الحكم بما هو مرجوح خلاف الإجماع، وأن المرجوح في مقابلة الراجح بمنزلة العلم، والترجيح بغير مرجح في المتقابلات ممنوع" (٥).

وقد أدى إفتاء المفتي بما شاء من الأقوال من غير نظر إلى القول الراجح إلى التلاعب بدين الله، وفي ذلك يقول الشاطبي:

"صار كثير من مقلدة الفقهاء يفتي قريبه أو صديقه بما لا يفتي به غيره من الأقوال، اتباعاً لغرضه وشهوته، أو لغرض ذلك القريب وذلك الصديق، ولقد وجد هذا في الأزمنة السالفة فضلاً عن زماننا، كما وجد فيه تتبع


(١) إعلام الموقعين: ٤/ ٣٠٢.
(٢) المجموع: ١/ ٦٨.
(٣) شرح عقود رسم المفتي: ١/ ١٠.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق: ١/ ٤٨.

<<  <   >  >>