للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بواسطة ملك يرسله الله تعالى إلى مصطفاه من البشر، وهذا النوع هو المعروف بالوحى الجلىّ، وهو المذكور فى قوله تعالى: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ.

هذا: ووجه انحصار هذه الأنواع الستة فى الأقسام الثلاثة المذكورة فى الآية الكريمة- التى صدرنا بها هذا المبحث- أن القسم الأول- المستنبط من قوله سبحانه: إِلَّا وَحْياً ينتظم الأنواع الأربعة الأولى، وهى:

الوحى المنامى، والإلهامى- بالنفث فى الروع-، والإلقائى فى الصدر بصورة الكلام النفسى، والتكليم مشافهة مع الرؤية.

والقسم الثانى: المذكور فى قوله تعالى:

أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ يختص بالنوع الخامس. وكذلك القسم الثالث- المأخوذ من قوله تعالى: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا يختص بالنوع السادس الأخير.

* تلك هى الأنواع الرئيسية للوحى، على أن الإمام الحليمى قد ذكر أن الوحى كان يأتى النبى صلّى الله عليه وسلم على ستة وأربعين نوعا، فذكرها، وغالبها من صفات حامل الوحى، ومجموعها يدخل فيما ذكر (٣٥).

* وبناء على ما تقدم، فإن مراتب الوحى يمكن أن تصنّف باعتبارين:

فباعتبار المشافهة والتلقى من المصدر دون حجاب أو واسطة يكون ترتيب الأقسام فى الآية الكريمة أولوية، حيث ذكر أولا: الكلام بلا واسطة بل مشافهة، ويندرج تحته- أولويا-: النوع الرابع- فى تصنيفنا الآنف- ثم النوع الثالث، ثم النوع الثانى، ثم الأول.

ثم ذكر ما كان بغير واسطة ولكن لا بالمشافهة، بل من وراء الغيب، وهو النوع الخامس. ثم ذكر ثالثا: الكلام بواسطة الإرسال.

وأما بالاعتبار الثانى- وهو باعتبار الجلاء والخفاء- فإن النوع السادس هاهنا وهو المصطلح على تسميته ب (الوحى الجلى) له الصدارة، إذ هو أشهر الأنواع وأكثرها.

ولذلك كان وحى القرآن الكريم جلّه- على المعتمد الراجح- من هذا النوع. ووجه تفضيله: أنه مخصوص بالأنبياء- عليهم السلام- وليس لأنه أشرف من وحى المشافهة.

ثم يليه الوحى فى اليقظة بدون حجاب سواء كان إيحاء مع استدعاء صورة الكلام النفسى، أم إلهاما بالنفث فى الروع، ثم الإلقاء المنامى فى القلب- الذى أخرج فيه الشيخان- عن النبى صلّى الله عليه وسلم: «رؤيا الأنبياء وحى» (٣٦). ثم التكليم من وراء حجاب.


(٣٥) انظر (فتح البارى) لابن حجر ١/ ١٦، ط/ الهيئة المصرية.
(٣٦) أخرجه البخارى فى باب (التخفيف فى الوضوء) حديث ١٣٨، وخرجه الحافظ فى فتح البارى عن مسلم (١/ ٢٨٩).