للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويؤيد هذا ما أخرجه ابن جرير الطبرى عن ابن عباس- رضى الله عنهما- حيث يقول:

(التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله). (٣٧)

[أوجه بيان السنة للقرآن:]

لبيان السنة للقرآن أنواع كثيرة، نذكر أشهرها فيما يأتى:

[أولا: تفصيل المجمل:]

فقد ورد فى القرآن مجمل كثير، لا يستطيع الإنسان فهمه إلا من خلال السنة، كآيات الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فلم يرد فى القرآن عدد فروض الصلاة موضحة، ولا عدد ركعاتها، ولا بيان أوقاتها، ولا كيفيتها ولا مبطلاتها، وغير ذلك، والزكاة أيضا كذلك، من ناحية الأنواع والنصاب، والمقادير، وسائر تفصيلاتها، وكذلك الحج، لم يرد فى القرآن كيفيته، أو مبطلاته، وغير ذلك من سائر أحكامه. قال تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: ٧].

[ثانيا: إزالة اللبس:]

ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه مسلم وغيره عن المغيرة بن شعبة قال: «بعثنى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى نجران، فقالوا: أرأيت ما تقرءون يا أُخْتَ هارُونَ [مريم: ٢٨]، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال: «ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم». (٣٨)

[ثالثا: تخصيص العام:]

ومثاله: أنه قد ورد فى القرآن تحريم الميتة والدم على العموم، ولكن السنة خصصت هذا العموم، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان: السمك، والجراد، وأحل لنا دمان:

الكبد، والطحال» (٣٩).

[رابعا: تقييد المطلق:]

ومن أمثلته: قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ [النساء: ١١، ١٢] فقد وردت الوصية هنا مطلقة بدون تحديد، فقيدها الرسول صلّى الله عليه وسلم بالثلث، فى حديث سعد ابن أبى وقاص حيث جاء فيه: «قلت:

يا رسول الله، أوصى بمالى كله؟ قال: لا، قلت: فالشطر؟ قال: لا، قلت: فالثلث؟ قال:

فالثلث والثلث كثير» (٤٠).


(٣٧) تفسير ابن جرير: ١/ ٣٤ معارف.
(٣٨) مسلم: كتاب الآداب، باب (٩).
(٣٩) أبو داود: كتاب الأطعمة، باب (٣٤)، وسنن ابن ماجة: كتاب الأطعمة، باب (٣١)، طبعة/ دار الفكر العربى.
(٤٠) البخارى: كتاب الوصايا، باب (٢).