للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢ - ترجمة القرآن بمعنى تفسيره بلغته العربية:]

وهذا أيضا حكمه الجواز وعدم الحظر، قال تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، (٢٣) (النحل: ٤٤). وقد قام الرسول صلّى الله عليه وسلّم ببيانه للناس وتوضيحه لهم أيما توضيح، ومن صنيع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اعتمد كثير من المفسرين فى تفاسيرهم على المأثور، وصار هناك ما يسمى بالتفسير بالمأثور.

[٣ - ترجمته بمعنى تفسيره بلغة أجنبية:]

وهذا أيضا- يأخذ حكم سابقه من الجواز وعدم الحظر، فكلاهما عرض لما يفهمه المفسر من كتاب الله بلغة يفهمها مخاطبه، لا عرض لترجمة القرآن نفسه، وكلاهما حكاية لما يستطاع من المعانى والمقاصد.

وتفسير القرآن يكفى أن يكون بيانا لمراد الله- تعالى- بقدر الطاقة حتى يتحقق، وهذا البيان يستوى فيه ما كان بلغة العرب وما ليس بلغة العرب، غير أنه لا بدّ من أمرين، أحدهما: أن يستوفى هذا النوع شروط التفسير، وثانيهما: أن يستوفى شروط الترجمة باعتبار أنه نقل لما يمكن من معانى اللفظ العربى بلغة غير عربية.

وترجمة القرآن بهذا المعنى مساوية لترجمة تفسيره العربى؛ إذ الترجمة هنا لم تتناول إلا رأى هذا المفسر وفهمه لمراد الله- تعالى- على قدر طاقته.

وهذه الترجمة- أيضا- تسمى ترجمة تفسير القرآن، أو تفسير القرآن بلغة كذا، ولا يجوز أن تسمى ترجمة للقرآن.

وبهذا النوع نرفع النقاب لغير العرب عن جمال القرآن، وندفع الشبهات الملفقة والملصقة بالقرآن زورا وبهتانا، ونزيل الحواجز بين الإسلام وعشاق الحق من الأمم الأجنبية، ونبرئ ذمتنا من واجب تبليغ القرآن بلفظه ومعناه.

[٤ - ترجمة القرآن بمعنى نقله إلى لغة أخرى:]

هذا هو الإطلاق اللغوى الرابع، وهو الإطلاق الوحيد فى عرف التخاطب الأممى العام، وعلى هذا التعريف اللغوى يمكننا أن نعرف ترجمة القرآن بأنها: نقل القرآن من لغته العربية إلى لغة أخرى، أو هى: التعبير عن معانى ألفاظه العربية ومقاصدها، بألفاظ غير عربية مع الوفاء بجميع هذه المعانى والمقاصد.

وإن لوحظ فيها ترتيب ألفاظ القرآن فهى الترجمة الحرفية أو اللفظية أو المساوية، وإن لم يلاحظ فيها هذا الترتيب فتلك ترجمة القرآن التفسيرية أو المعنوية.


(٢٣) سورة يونس من آية (١٥).