اعلم أن الهمز لما كان أثقل الحروف نطقا وأبعدها مخرجا تنوع العرب فى تخفيفه بأنواع التخفيف- وكانت قريش وأهل الحجاز أكثرهم تخفيفا، ولذلك أكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم كابن كثير من رواية ابن فليح، وكنافع من رواية ورش، وكأبى عمرو، فإن مادة قراءته عن أهل الحجاز- وأحكام الهمز كثيرة نقتصر فى الكلام على أمور أربعة هى:
١ - النقل: وهو نقل حركة الساكن إلى ما قبله، وذلك كما فى قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ بفتح الدال، وبه قرأ نافع من طريق ورش، وذلك حيث كان الحرف الساكن صحيح الآخر والهمز أولا- واستثنى أصحاب يعقوب عن ورش «كتابيه- إنى ظننت» فسكنوا الهاء وحققوا الهمز- وأما الباقون من القراء فحققوا الهمز وسكنوا فى جميع القرآن.
٢ - الإبدال: وهو أن تبدل الهمزة الساكنة حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها فتبدل ألفا بعد الفتح نحو قوله: وَأْمُرْ أَهْلَكَ، وتبدل واوا بعد الضم نحو قوله:
يُؤْمِنُونَ، وتبدل ياء بعد الكسر نحو:
جِئْتَ وبه قرأ أبو عمرو، سواء كانت الهمزة فاء أم عينا أم لاما، إلا أن يكون سكونها جزما نحو:«ننسأها» ونحو: «أرجئه»، أو يكون ترك الهمز فيه أثقل، وهو فى قوله:
وَتُؤْوِي إِلَيْكَ (سورة الأحزاب آية ٥١) أو يوقع فى الالتباس، وهو فى قوله:
وَرِءْياً (سورة مريم آية ٧٤)، فإن تحركت فلا خلاف عنه فى التحقيق.
٣ - التسهيل: وهو التسهيل بين الهمزة وبين حركتها، وذلك عند اجتماع همزتين فى الكلمة. فإن اتفق الهمزتان فى الفتح سهّل الهمزة الثانية الحرميان وأبو عمرو وهشام، وأبدلها ورش ألفا، وابن كثير لا يدخل قبلها ألفا، وقالون وهشام وأبو عمرو يدخلونها، والباقون من السبعة يحققون.
وإن اختلفا بالفتح والكسر سهل الحرميان وأبو عمرو الثانية. وأدخل قالون وأبو عمرو قبلها ألفا، والباقون يحققون- وإن اختلفا بالفتح والضم وذلك فى قوله: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ وقوله: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ وقوله: أَأُلْقِيَ فقط فالقراء الثلاثة وهم