صلّى الله عليه وسلم، عاما وخاصا، وعزما وإرشادا، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا فى كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وأمر استدرك به علم، واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا، ومن أدركنا ممن يرضى، أو حكى لنا عنه ببلدنا، صاروا- فيما لم يعلموا لرسول الله صلّى الله عليه وسلم فيه سنة- إلى قولهم إن اجتمعوا، أو قول بعضهم إن تفرقوا، وهكذا نقول، ولم نخرج عن أقاويلهم، وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره، أخذنا بقوله».
[المفسرون من الصحابة:]
رغم الكثرة الكاثرة، والآلاف المؤلفة، من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، الذين عاصروا الوحى، وشاهدوا التنزيل، وأحاطوا بملابسات القرآن وأسباب نزوله، فإننا لم نر منهم من اشتهر بالتفسير إلا عددا قليلا، عدهم السيوطى فى إتقانه بأنهم عشرة.
حيث يقول رحمه الله:«اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن عباس، وابن مسعود، وأبىّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعرى، وعبد الله بن الزبير، أما الخلفاء فأكثر من روى عنه منهم على بن أبى طالب، والرواية عن الثلاثة نزرة جدا، وكان السبب فى ذلك تقدم وفاتهم، كما أن ذلك هو السبب فى قلة رواية أبى بكر رضي الله عنه للحديث، ولا أحفظ عن أبى بكر رضي الله عنه فى التفسير إلا آثارا قليلة جدا، لا تكاد تجاوز العشرة». (٥٧)
وإذا كان هؤلاء العشرة هم الذين اشتهروا بالتفسير، فإن هناك من الصحابة من تكلم فى التفسير، ولكن ليس بدرجة هؤلاء العشرة، وعلى رأس هؤلاء: أبو هريرة، وعائشة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله.
بل إن هؤلاء العشرة لم يكونوا على درجة واحدة من التكلم فى التفسير، كما صرح السيوطى سابقا.
فإذا نظرنا إلى الخلفاء الأربعة، وجدنا الرواية عن أبى بكر وعمر وعثمان فى التفسير قليلة، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها ما يلى:
١ - اشتغالهم بأمور الحكم ومصالح العباد، فى الداخل، وإرسال الجيوش فى الخارج.
٢ - لم يكن لمعاصريهم حاجة شديدة إلى التفسير، حيث كان هؤلاء المعاصرون عربا يتمتعون بالسليقة العربية، بالإضافة إلى وقوفهم على أسباب النزول.