ولما نزل قوله تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (الدخان: ٤٣ - ٤٦) لم تعرفها قريش، فقال أبو جهل: إن هذا لشجر ما ينبت فى بلادنا، فمن منكم يعرف الزقوم .. ؟ فقال رجل قدم عليهم من إفريقية:
(الزقوم) بلغة إفريقية: الزبد بالتمر، فقال أبو جهل: يا جارية .. !! هاتى لنا تمرا وزبدا نزقمه، فجعلوا يأكلون منه، ويقولون: أفبهذا يخوفنا محمد فى الآخرة .. ؟
فبين الله هذه (الشجرة) فى موضع آخر بصفتها، حيث قال تبارك وتعالى: إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ (الصافات: ٦٢ - ٦٧).
فقد بين تعالى:
١ - أنها فتنة لهم واختبار.
٢ - وأصلها: تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ.
٣ - وشكلها: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ.
٤ - وأنهم يأكلون منها لا محالة:
فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ.
٥ - أنهم يحاولون إطفاء لهيبها بالحميم:
إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ.
وقد سماها ب (الشجرة الملعونة) - كذلك- فى قوله تعالى: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً (الإسراء: ٦٠).
وهدّد- عز وجل- الكافرين بالأكل منها فى قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (الواقعة: ٥١ - ٥٦).
[٣٢ - السائبة]
هى الناقة التى تسيّب فى المرعى، فلا ترد عن حوض ولا علف، وذلك إذا ولدت خمسة أبطن، وقال ابن إسحاق: هى الناقة إذا تابعت بين عشر إناث- أى: فى ولادتها- ليس بينهن ذكر، لم يركب ظهرها، ولم يجزّ وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف. وقيل: السائبة: هى البعير، يسيّب بنذر يكون على الرجل إن سلّمه الله من مرض، أو بلّغه منزله أن يفعل ذلك، فلا تحبس عن رعى ولا ماء، ولا يركبها أحد.
وقد يسيّبون غير الناقة.