للتفسير خمسة مصادر مرتبة، لا يجوز لأحد أن يتخطى المقدم منها إلى ما بعده، إلا إذا لم يجد بغيته فى هذا المقدم، والمصادر الخمسة هى:
أولا: القرآن نفسه، إذ أن الموضوع الواحد قد يكون له عدة آيات متناثرة فى ثنايا القرآن. فقد يجد المفسر فيها مطلقا فيحمله على المقيد، أو عاما فيحمله على الخاص، أو مجملا فيحمله على المبيّن، أو موجزا فيوضحه بما جاء مطنبا، ونحو ذلك من صور تفسير القرآن بالقرآن.
ثانيا: السنة النبوية، وهذا أمر بدهى، لأن السنة النبوية مبينة للقرآن، مع ضرورة الاقتصار على الصحيح، والبعد عن الموضوع والضعيف.
ثالثا: أقوال الصحابة- رضى الله عنهم أجمعين، لأنهم هم الذين عاصروا الوحى والتنزيل، وشاهدوا ملابسات القرآن الكريم.
رابعا: أقوال التابعين، فهى موروث عظيم، لجيل تربى على أيدى الصحابة الكرام، وعنهم أخذوا القرآن وسنة النبى- عليه الصلاة والسلام.
خامسا: وبعد مرور المفسّر بالمصادر السابقة، وعدم وجوده بغيته فيها يأتى المصدر الخامس، ألا وهو إعمال عقله، وكد ذهنه، للوصول إلى مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية، بعد توافر شروط التفسير فيه، ومراعاة الضوابط المطلوبة لسلامة تفسيره، واتباعه خطوات المنهج الأمثل فى التفسير، التى خصصنا لكل منها قدرا معينا فى هذا المدخل، فليرجع إليها.
[٦ - مناهج المفسرين:]
مصطلح «مناهج المفسرين» مركب إضافى مكون من جزءين:
أما الجزء الأول، وهو كلمة «مناهج» فى اللغة فهى جمع «منهج»، والمنهج هو الطريق الواضح، سواء كان حسيا، أم معنويا، بل إنه فى الأصل كان يطلق على الطريق الحسى، ثم استعمل بعد ذلك فى الطريق المعنوى، ثم غلب عليه بعد ذلك، حتى أضحى الآن لا يكاد يستعمل إلا فى الطريق المعنوى. (٢٧)
أما الجزء الثانى، وهو كلمة «المفسرين»، فهى جمع مفسّر، والمفسر وإن كان يطلق على كل من يفسر ويوضح أى شىء، فإن المراد به الآن عند الإطلاق: هو المشتغل
بتفسير كلام خاص، وهو القرآن الكريم.
(٢٧) انظر لسان العرب، والقاموس المحيط للفيروزآبادى، طبعة الرسالة، ومفردات الراغب الأصفهانى، مادة (نهج)، طبعة دار القلم.