للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقسام القرآن]

القسم: الحلف، اسم مصدر من أقسم إقساما: إذا حلف. كذا فى «المصباح» - وهو الغاية القصوى فى الكلام، ولذا لا يخاطب به خالى الذهن، وإنما يخاطب به المكذب والمنكر. وعلماء المعانى يجعلونه من الإنشاء الذى ليس لنسبته مدلول فى الخارج بل معناه قائم بنفس المتكلم.

وأركانه أربعة: (مقسم- ومقسم به- مقسم عليه- وأداة القسم). وقد أورد بعضهم شبهة مفاداها ما حكمة قسمه- سبحانه- أو قسم نبيه صلّى الله عليه وسلم؛ لأن قسمه- سبحانه- وقسم نبيه صلّى الله عليه وسلم لمؤمن فلا حاجة له، أو لكافر فلا ينفعه بل ينفعه الدليل؟ وقد أجاب السيوطى عن هذه الشبهة بأن لغة العرب من عادتها القسم عند التأكيد، والقرآن نزل بلغتهم، ونقل جواب القشيرى بأن ذكر القسم لكمال الحجة والتأكيد؛ لأن الحكم يفصل فيه بالشهادة أو القسم، وقد جاء بهما- سبحانه- فى كتابه فقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ (١)، وقال سبحانه وتعالى: قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ (٢).

وأرى أن أمثل ما يجاب به: أن القسم إنما جاء لفرط أهمية المقسم عليه عند المقسم، وهذه فائدة يجدر بك أن تبينها للمؤمن والكافر على حد سواء.

وجواب آخر أعظم من السابق: أن القسم منه دليل وبرهان على قدرته على فعل المقسم عليه.

[أركان القسم:]

أولا: المقسم: المقسم فى القرآن أربعة:

(أ) الله تعالى نفسه، وهو كثير ولب موضوعنا كقوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (٣).

(ب) رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو غيره من الرسل كقوله تعالى: قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ (٤)، وقول إبراهيم: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥).

(ج) غير الرسل كما فى قوله تعالى: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (٦).

(د) غير البشر، كالذى جاء عن رأس الكفر


(١) سورة آل عمران (١٨).
(٢) سورة يونس (٥٣).
(٣) سورة الحجر (٩٢، ٩٣).
(٤) سورة يونس: (٥٣).
(٥) سورة الأنبياء (٥٧).
(٦) سورة القلم (١٧).