[٥٢ - الهداية]
الهدى والهداية فى اللغة: شىء واحد، ولكن فى اصطلاح الشارع يختلفان.
فالهدى: ما تولاه الله وأعطاه، واختص هو به دون ما هو إلى الإنسان، كما فى قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (البقرة: ٥) وقوله تعالى: قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى (الأنعام: ٧١).
والهداية والاهتداء: ما تحرّاه الإنسان وطلبه على طريق الاختيار، إما فى الأمور الدنيوية، كما فى قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها (الأنعام: ٩٧) وإما فى الأمور الأخروية، كما فى قوله تعالى:
فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (البقرة: ١٥٠).
والهداية: دلالة بلطف، قال تعالى لموسى عليه السّلام اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (النازعات: ١٧ - ١٩) ولا يمنع من هذا ما ورد على سبيل الاستهزاء من الله تعالى والتهكم بالكافرين فى مثل قوله تعالى:
فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (الصافات: ٢٣).
وهداية الله للإنسان .. على أربعة أوجه:
الأول: الهداية العامة، التى تشمل كل مكلف، من العقل، والفطنة، والمعارف الضرورية، التى أعمّ منها كل شىء بقدر فيه، حسب احتماله، وهى المقصودة فى قوله تعالى رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (طه: ٥٠).
الثانى: الهداية التى جعل الله للناس، بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء، وإنزال القرآن، ونحو ذلك، وهى المقصودة فى قوله تعالى: وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (الأنبياء: ٧٣).
الثالث: الهداية، التى هى التوفيق الذى يختص به من اهتدى كما فى قوله تعالى: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً (مريم: ٧٦).
الرابع: الهداية فى الآخرة إلى الجنة، كما فى قوله تعالى: أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ (الأعراف: ٤٢، ٤٣).
وأما هداية الإنسان لغيره، فلا يقدر عليها أحد إلا بالدعاء وتعريف الطرق، دون سائر أنواع الهدايات، يقول تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (الشورى: ٥٢).