كلام الشيخ أن نغض الطرف عن الخلاف بين القولين فى أن أحدهما يعقبه الكفر والآخر لا، وأن أصحاب القول الثانى يقولون: إنما أثبت من القراءات المشهورة ما وافق الرسم العثمانى فقطو كذلك غض النظر عن تفرقة الطبرى الغريبة بين جحد الحرف وجحد القراءة، إذا غضضنا الطرف عن هذا كله، سيبقى الخلاف عندنا حقيقيا، لما قلناه من عدم صحة دعوى النسخ لشىء من الأحرف السبعة النازلة. وكان سبيلنا لإثبات وجود الأحرف السبعة إيجاد مثال واحد فى القرآن، وقد كان تعليقنا على ما ذكرناه من نصوص الأئمة الثلاثة: ابن قتيبة والرازى وابن الجزرى ما فيه كفاية فى هذا الباب.
ونلاحظ فى المثل المذكور فى هذه النصوص وحواشىّ عليها أن مثل الزيادة والنقص لا تكون من مصحف واحد. فلا تجتمع الزيادة والنقص فى مصحف واحد، ونلاحظ أيضا قلة أمثلة الإبدال فى تغير الحرف والصورة معا سواء تغير المعنى أم لا.
[ليست قراءات الأئمة السبعة تمام الأحرف السبعة:]
سبق لنا عرض نصّ الأبىّ فى شرح مسلم الذى نقل عن ابن عرفة المالكى أنه يرى أن الأحرف السبعة هى القراءات السبع، وأن قراءة يعقوب داخلة فيها، ولكن الإمام ابن الجزرى فى النشر ردّ هذا القول ونسبه للعوام، واحتج على من قال بأن الأحرف السبعة وجدت قبل وجود القراء السبعة، وقبل جمعها على يد ابن مجاهد فى القرن الرابع.
وذكر فى موضع آخر أن مسألة بقاء الأحرف السبعة مفرعة على مسألة هل يجوز للأمة ترك شىء من الأحرف المتواترة؟ فمن منع أوجب أن تكون الأمة تقرأ بالأحرف السبعة إلى اليوم، وإلّا اجتمعت الأمة المعصومة على ضلالة. ولكنه ذكر أن القراءات السبعة أو العشرة المشهورة بالنسبة لما كان يقرأ به الصحابة والتابعون نزر من بحر.
ونحن نوافق ابن الجزرى فيما قاله من إنكار أن تكون القراءات سبعة؛ لأن التواتر للقراءات لم ينحصر فى السبعة المشهورة وهى قراءات نافع وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائى، بل تعدى إلى قراءات الأئمة الثلاثة المتممة للعشرة وهم:
أبو جعفر ويعقوب وخلف أحد راويى حمزة، فقد ذكر الجلال المحلى أن الأخير كانت اختياراته من أوجه فى السبعة، ولكنه صار وجها مستقلا به؛ ولذا صارت قراءة مستقلة.
ولكننا لا نوافق الإمام ابن الجزرى فيما ذكره من أن القراءات السبع بالنسبة للقراءات التى كان يقرأ بها الصحابة والتابعون نزر من