بحر، والذى حمله على ذلك هو انخداعه بقول سابقيه من أمثال: أبى عباس المهدوى، وأبى محمد مكى، وأبى شامة، وابن تيمية، فى عدم اشتراط التواتر فى ضوابط القراءة المقبولة حتى نظم ابن الجزرى هذا الرأى فى «طيبة النشر» فقال:
وكل ما وافق وجه نحوى ... وكان للرسم احتمالا يحوى
وصحّ إسنادا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل ركن أثبت ... شذوذه لو أنه فى السبعة
بل لقد أنكر ابن الجزرى على جماهير القراء والفقهاء والمحدثين اشتراطهم التواتر فى القراءة.
ونحن نسأل ابن الجزرى: أين ذهبت القراءات التى هى سوى العشرة المشهورة والتى كان يقرأ بها السلف، مع الأخذ فى الاعتبار أنه لا تصح دعوى النسخ إلّا بإثبات أصل القرآنية بالتواتر، وإذا كان السلف يقرءون بها، فهى لم تنسخ لانقطاع الوحى، بل إن هذا القول يكذبه القرآن نفسه بقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.
والخلاصة: أن القراءات السبع هى بعض أحرف القرآن السبعة لا كلها، وأن القراءات العشر المشهورة بين أيدى الناس اليوم هى جميع الأحرف السبعة التى أنزل الله عليها القرآن. وإن شئت قلت: الأحرف السبعة هى القراءات العشر بلا أدنى فرق بين العبارتين.
والله أعلم.
أ. د/ إبراهيم عبد الرحمن خليفة مراجع للبحث والاستزادة:
(١) اتحاف فضلاء البشر فى القراءات الأربع عشر، للشيخ أحمد الدمياطى الشهير بالبناء، طبع ونشر عبد الحميد أحمد حنفى.
(٢) الإتقان فى علوم القرآن، للسيوطى.
(٣) إكمال إكمال المعلم شرح مسلم، لأبى عبد الله الأبىّ، مكتبة طبرية، الرياض.
(٤) بذل المجهود فى حل أبى داود، للشيخ خليل أحمد السهارنفورى، ط دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
(٥) البرهان فى علوم القرآن، لبدر الدين الزركشى.
(٦) جامع الترمذى.
(٧) جامع البيان عن تأويل آى القرآن، للطبرى.
(٨) جامع البيان فى القراءات السبع، لأبى عمر الدانى، قطعة من مقدمة حققها دكتور عبد المهيمن طحان ووضعها تحت عنوان «الأحرف السبعة للقرآن» دار المنارة للنشر والتوزيع، مكة المكرمة.
(٩) الجامع الصحيح، للبخارى.
(١٠) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبى.
(١١) روح المعانى، للآلوسى.
(١٢) زهر الربى شرح المجتبى، للسيوطى، ط المكتب العلمى، بيروت، لبنان.
(١٣) سنن أبى داود.
(١٤) شرح النووى لصحيح مسلم، مؤسسة مناهل العرفان، بيروت، نشر مكتبة الغزالى، دمشق.
(١٥) صحيح مسلم.