إن الإيمان بالله- سبحانه- ربا واحدا لا شريك له، وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر هو روح الوجود وسنام العقيدة التى على مكوناتها تستقيم شئون الكون كله، والبشرية جزء منه.
وقد تكفّل كتاب الله ببيان ذلك فى كثير من السور ما كان مكيا فيها وما كان مدنيا، وتكتمل الوحدانية والتنزيه فى قوله- عز وجل- فى سورة الإخلاص: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)
وكذلك يتجلى التوحيد والتنزيه فى الآية الكريمة من سورة البقرة الآية ٢٥٥ التى اصطلح على تسميتها بآية الكرسى وهو قوله عز وجل: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
وفى الساحة الإيمانية التنزيهية الموحدة يأتى قول الله- جل وعز- فى سورة الحشر الآية ٢٤: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. فالآية تجمع بين التوحيد وعلم الغيب والشهادة، والتنزيه بذكر خمسة عشر اسما من الأسماء الحسنى التسعة والتسعين، ويستطيع المتأمل الراشد أن يتبين كم من صيغ التوحيد والتنزيه مفردة ومجتمعة حفلت بها الآية الكريمة من كتاب الله.
ثم يعظّم من شأن الألوهية وحتمية وجودها: شهادة الخالق- جل جلاله- مقرونة بشهادة ملائكته وعلماء بنى الإنسان الذين كرّمهم بذكر شهادتهم تالية لشهادته تباركت أسماؤه، مؤكدة وحدانيته، وأن الدين عند الله هو الإسلام. يقول الحق تبارك وتعالى فى