للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإيجاز بحذف الأداة]

الإيجاز بحذف الأداة يأتى فى الدرجة الثانية لصور الإيجاز بالحذف، بعد الإيجاز بحذف أحد حروف الكلمة؛ لأننا نسير هنا مع الإيجاز سيرة تصاعدية.

والمراد بالأداة التى يترتب على حذفها نوع ما من الإيجاز هى أحرف المعانى، التى تؤدى معنى فى الجملة ولا تستقل هى بدلالة محددة مفيدة، والأدوات العاملة فى غيرها من الأسماء والأفعال، وفى عبارة أشمل، ما لا يظهر له معنى يحسن السكوت عليه إلا بعد انتظامها فى الجمل والتراكيب.

ومن الإيجاز بحذف الأداة فى القرآن الكريم قوله تعالى:

قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (١)

ففي هذه الآية إيجاز بحذف الأداة، وهى «لا» النافية قبل الفعل تَفْتَؤُا وهو جواب القسم تَاللَّهِ ويدل على حذفها أمران:-

الأول: أنه لو كان تَفْتَؤُا مثبتا لوجب اقترانه بلام الابتداء ونون التوكيد (٢). ولقيل فيه: (لتفتأنّ) فخلوه من لام الابتداء والتوكيد بالنون دليل على أنه منفى، ونفيه حاصل ب «لا» المحذوفة.

الثانى: أن زال وتفتأ وبرح وانفك لا تعمل عمل «كان» إلا باعتمادها على النفى، وأم الباب فيه هى «لا» ومثله فى حذف هذه الأداة «لا» قول امرئ القيس، حين أمرته امرأة كان يهواها وهو فى زيارة لها فأمرته بالخروج خشية الفضيحة، فقال لها:

فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطّعوا رأسى لديك وأوصالى

أما الداعى البلاغى للحذف فى الآية الكريمة، فهو ضيق المقام عند جلساء يعقوب عليه السّلام، من كثرة ذكره ليوسف عليه السّلام، والشعور بالضيق سبب من أسباب الحذف واختصار الكلام.

أما الداعى للحذف فى بيت امرئ القيس، فهو كما ترى تحرى استقامة الوزن الشعرى أولا ثم ضيق المقام ثانيا.

ومن الإيجاز بحذف الأداة فى القرآن الكريم قوله تعالى:


(١) يوسف (٨٥).
(٢) الدر المصون للسمين الحلبى (٦/ ٥٤٦).