والعقلية العلمية هى التى ترفض التقليد الأعمى، سواء أكان للأجداد والآباء، كما فى قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (البقرة: ١٧٠) أم كان للسادة والكبراء كما قال تعالى: وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (الأحزاب: ٦٧، ٦٨).
وقد تكرر هذا المعنى فى جملة سور من القرآن الكريم.
والعقلية العلمية التى ينشئها الإسلام هى التى تؤمن بوجوب النظر والتفكير فى ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شىء، فالكون كله مسرح للفكر والتأمل، وكذلك التاريخ ومصاير الأمم. وكذلك الإنسان بكل آفاقه الروحية والمادية.
ولا تقبل العقلية الإسلامية دعوى بلا بينة، فهى تعتمد البرهان فى العقليات، والتوثيق فى النقليات، والتجربة فى الحسيات.
يقول القرآن لأصحاب العقائد: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (البقرة: ١١١ والنمل: ٦٤) وفى مقام النقل:
ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (الأحقاف: ٤) وفى مقام آخر يقول: نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (الأنعام: ١٤٣).
ومن ثم كان بدء الوحى القرآنى بهذه الآيات: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (العلق: ١ - ٥) والقراءة باب العلم ومفتاحه.
[٢ - الإيقاظ الروحى:]
والعنصر الثانى هو (الإيقاظ الروحى) الذى يعنى بتجديد الإيمان بالله تعالى، واليقين بالآخرة، وتقوية المعانى الربانية فى القلب، من التوكل على الله، والإنابة إليه، والإخلاص له، والمحبة له ولأوليائه، والأنس بذكره، والرجاء فى رحمته، والخشية من عذابه، والاعتزاز بالانتماء إليه، والثقة بنصره وتأييده، والحياء معه، والشعور برقابته، والشكر لنعمائه، والصبر على بلائه، والرضا