للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلافا حول مفهوم البدل نفسه، لا حول اشتراطه، فإن مفهوم البدل ومعناه العام يشمل أمرين: الرد إلى ما كان قبل شرع الحكم المنسوخ وهو البراءة الأصلية، أو الإباحة.

ونقل الحكم المنسوخ إلى حكم آخر، فكلاهما يسمى بدلا، فلا إشكال إذن ولا خلاف؛ لأن رد الحكم إلى الإباحة هو نسخ إلى بدل؛ لأن الإباحة نوع من أنواع الخطاب.

[(٩) وينقسم النسخ من جهة أخرى إلى ثلاثة أقسام:]

الأول: نسخ الأثقل بالأخف، وهو الغالب والكثير.

والثانى: نسخ الحكم بحكم آخر مساو له.

كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة بقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ البقرة: ١٤٤.

والثالث: نسخ الأخف بالأثقل، وهو قليل.

كنسخ حبس الزوانى بالجلد والرجم، ولا شك أن الضرب بالحجارة حتى الموت أثقل من الحبس.

ومنع بعض العلماء هذا النوع بدعوى أن الله يريد بنا اليسر فى تشريعاته كلها، كما قال جل شأنه: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.

وقال عز من قائل: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ.

والجواب عن هذه الشبهة أن العسر واليسر والخفة والثقل من الأمور الإضافية، فما من أمر خفيف إلا وهو ثقيل بالإضافة إلى ما هو أخف منه، وما من أمر ثقيل إلا وهو خفيف بالإضافة إلى ما هو أثقل منه، وكل ما أمر الله- تعالى- به يسر لنا إذ فوقه ما هو عسير وعسير، وكل ما نقلنا إليه من أحكام تخفيف علينا بالنسبة لما فى علمه من مشاق، ولو أن المقصود التخفيف المطلق، واليسر المطلق لكانت ركعة واحدة فى الصلاة مثلا أخف بكثير مما هى عليه، ثم إنه قد وقع النسخ بالأشد فلا سبيل إلى إنكاره ومنعه.

(١٠) قال السيوطى فى «الإتقان»: (قال بعضهم:

سور القرآن باعتبار الناسخ والمنسوخ أقسام:

قسم ليس فيه ناسخ ولا منسوخ، وهو ثلاث وأربعون: سورة الفاتحة، ويوسف، ويس، والحجرات، والرحمن، والحديد، والصف، والجمعة، والتحريم، والملك، والحاقة، ونوح، والجن، والمرسلات، وعم،