للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهؤلاء وهؤلاء صاح بهم جبريل صيحة، خرجت من شدتها عليهم أرواحهم من أجسادهم. قال ابن عباس: ما أهلك الله أمتين بعذاب واحد، إلا قوم صالح وقوم شعيب، أهلكهم الله بالصيحة، غير أن قوم صالح أخذتهم الصيحة من تحتهم، وقوم شعيب أخذتهم الصيحة من فوقهم (٧٠).

وهى- ثانيا- بمعنى: نفخة القيامة. كما فى قوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (يس: ٤٨، ٤٩) (٧٠) وهى نفخة الصعق، وكما فى قوله تعالى: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (ق: ٤١، ٤٢) (٧٠) وهى النفخة الثانية (٧٠).

وهى- ثالثا- بمعنى: الغارة، إذا فوجئ بها الحى. كما فى قوله تعالى عن المنافقين:

وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (المنافقون: ٤) أى:

يحسبون أهل كل صيحة عليهم، هم العدو، وذلك لجبنهم، قال الضحاك: يحسبون كل صيحة عليهم، أنهم قد فطن بهم، وعلم بنفاقهم، لأن للريبة خوفا، وقيل: يحسبون كل صيحة يسمعونها فى المسجد أنها عليهم، وأن النبى صلّى الله عليه وسلّم قد أمر فيها بقتالهم (٧٠).

[٤١ - الغيب]

الغيب: مصدر غابت الشمس، وغيرها، إذا استترت عن العين، وبذلك: فالغيب لغة: كل ما غاب عنك.

واستعمل فى كل ما غاب عن الحس، كما فى قوله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (النمل:

٢٠) وقوله تعالى فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ: أى: فى حال غيبة الزوج (٧١).

كما استعمل فى كل ما غاب عن علم الإنسان، يقول تعالى: وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (النمل: ٧٥).

هذا: ويقال للشيء: غيب، وغائب، باعتبار تعلقه بالناس، لا بالله تعالى؛ حيث إنه تعالى لا يغيب عنه مثقال ذرة فى السماوات ولا فى الأرض، فهو عز وجل: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ (الأنعام: ٧٣، التوبة ٩٤، ١٠٥، الرعد ٩، المؤمنون ٩٢، الزمر ٤٦، الحشر ٢٢، التغابن ١٨).

والغيب فى الاصطلاح: ما لا يقع تحت الحواس، ولا تقتضيه بداءة العقول، وإنما


(٧٠) القرطبى: مصدر سابق (هود تفسير الآية ٩٤، يس: تفسير الآية ٤٩، ق تفسير الآية ٤٢، المنافقون تفسير الآية ٤).
(٧١) انظر: الراغب: المفردات، ابن منظور: اللسان (مادة: غيب) القرطبى: مصدر سابق (النساء: تفسير الآية ٣٤).