للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الإيجاز بالحذف]

أجمع البلاغيون على تقسيم الإيجاز قسمين:

الأول: إيجاز الحذف، والثانى: إيجاز القصر.

وضابط إيجاز الحذف- عموما- عندهم، هو أن يكون فى الكلام لفظ ما محذوفا حذفا ظاهرا بحيث يدركه الناظر فى الكلام، وهو على درجات:

* أن يكون المحذوف حرفا من بنية الكلمة كالألف والياء.

* أن يكون المحذوف أداة من أدوات المعانى مثل فى ولا.

* أن يكون المحذوف كلمة مفردة اسما كانت أو فعلا.

* أن يكون المحذوف جملة اسمية أو فعلية.

* أن يكون المحذوف أكثر من جملة، مهما طال الكلام المحذوف.

ووضعوا للحذف شرطين لازمين:

أحدهما: أن يدعو إليه داع بلاغى يجعل الحذف أبلغ من الذكر.

الثانى: أن يكون فى الكلام بعد الحذف دليل يدل على المحذوف (١).

فإذا تخلف الشرط الأول سموا الحذف اعتباطا، أى خاليا من الحكمة. وإن وجد الشرط الثانى.

وإذا تخلف الشرط الثانى وحده سموا الحذف إجحافا أى ظلما وقع على الكلام وإن وجد الشرط الأول.

وإذا تخلف الشرطان معا سقط الكلام عن درجة البلاغة وصار نوعا من الهذيان.

- فحذف الحرف من بنية الكلمة يكثر فى القرآن الكريم فى ثلاثة أحرف:

هى الواو، والألف، والياء (٢)، وهذا يتضح من النماذج الآتية:

وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا (٣).

حذف «الواو» من الفعل يَدْعُ لغير علة صرفية أو نحوية والذى اقتضى حذفه هو الرمز إلى جهل الإنسان وسرعة دعائه طمعا فى الخير، وهو جاهل بعواقب الأمور (٤) والبلاغيون يسمون حذف الحرف من بنية الكلمة ب «الاقتطاع (٥)» ومنه قوله تعالى:

يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦)

فحذف «الواو» فى الآية لم يكن لعلة صرفية أو نحوية وإنما حذف رمزا إلى معنى


(١) شروح التلخيص (٢/ باب الحذف).
(٢) البرهان فى علوم القرآن.
(٣) الإسراء (١١).
(٤) البرهان (١/ ٢٩٨).
(٥) الصاحبى (٢٨٨) لابن فارس.
(٦) القمر (٦).