أفرد السيوطى نوعا وذكر أنه جدير بالإفراد بالتصنيف، وبه تحصل فوائد وحل إشكالات، وحاصل هذا النوع فى أمرين:
أحدهما: أن يتبادر معنى لا يصلح أن يكون مرادا ويندفع الإشكال بحمله على آخر.
ثانيهما: أن يتوهم أن صاحب الكلام واحد فيندفع هذا التوهم ببيان قائله. والمعنى الجامع لهما هو: قطع آخر الكلام عن أوله لحكمة، ومن مثل الأمر الأول التى صدّر بها السيوطى بحثه قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها حتى قوله: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. فالحديث فى قصة آدم كما جاء التصريح
بذلك، أخرجه ابن أبى حاتم وغيره عن ابن عباس بسند صحيح، وعند أحمد والترمذى وحسنه، والحاكم وصححه من طريق الحسن عن سمرة مرفوعا.
ولكن آخر الآية مشكل لما فيه من نسبة الإشراك لآدم. وهناك من حمل الآية على غير آدم، وعلّل الحديث- أى جعله معلولا- وحكم بنكارته، وحاصل ما دفع به السيوطى الإشكال مستندا إلى قولى السدى وأبى مالك أن قوله تعالى: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ مفصول عما قبله وهو مختص بمشركى العرب.
ثم نقل السيوطى ثلاث روايات عند ابن أبى حاتم بهذا المعنى فاتضحت المعضلة.
ويوضح ذلك تحول الضمير من التثنية العائد لآدم وحواء فى قوله تعالى: آتاهُما إلى الجمع فى قوله تعالى: يُشْرِكُونَ.
وأرى أن الإشكال ما زال قائما لقوله تعالى:
جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما. ومن خير ما وقفت عليه فى تفسير هذه الآية ما قاله جمال الدين القاسمى فى تفسيرها حيث ذكر تنبيها: بأن هذه الآية سيقت لتوبيخ المشركين فى جنايتهم بالشرك، وذلك أن الله أنعم عليهم بالخلق، وجعل الزوج للسكينة، فتتدرج فى الخلق من العدم إلى الوجود، ومن الضعف إلى القوة، ثم أخذ المواثيق عليهم إن آتاهم ما يطلبون أن يشكروه ولا يكفروا. ونقل عن المفسرين أحاديث وآثارا تشير إلى أن المراد من القصة آدم وحواء، وحكم على هذه