وهذه الزيادة يمكن ردها إلى الوجوه الأخرى فلا يبقى خلاف حقيقى؛ فابن الجزرى، وإن لم يذكر اختلاف اللهجات ضمن الوجوه، ولكنه أنكر على ابن قتيبة عدم ذكره.
أما انحصار أمر التيسير فى النطق فليس بشرط، كما سبق أن وضحنا، حتى لا ينحصر التيسير فى الوجه السابع فقط، وهو اختلاف اللهجات.
وهناك شبهة أوردها الحافظ وهى:
أن القرآن نزل وأكثر العرب أميون وكانوا لا يعرفون الحروف إلّا بمخارجها. وإن كانت هذه الشبهة قد تنال فى الظاهر مما ذهب إليه ابن قتيبة، فقد ردّ الحافظ بأن ذلك لا يلزم؛ لأن هذا قد يكون وقع اتفاقا، وإنما اطلع عليه ابن قتيبة بالاستقراء.
وقد زاد الشيخ الزرقانى هذا وضوحا حيث بيّن أن هذه الوجوه توصل إليها بالاستقراء، وكان يكفى المسلمين، وإن كانوا أميين فى هذا الوقت، أن يعرفوا أن وجوه الاختلاف سبعة، وإن لم يضعوا لهذه الوجوه عناوين؛ لأنهم يعرفون هذه الوجوه تطبيقا فى كل مفردات القرآن، ومثل ذلك عدم معرفتهم بالعناوين الخاصة بالإعراب والبناء، ولكنهم يعرفون النطق الصحيح الفصيح. وبذلك اتضح أن كون العرب أميين لا يعرفون العناوين التى ذكرت فى الوجوه السبعة هذا لا يعنى عدم وجودها؛ لأن هذه العناوين أسماء لمسميات وجدت كوجوه اختلاف بين القراءات، فهى وصف للواقع، وليست إنشاء له.
[بقاء الأحرف السبعة فى المصحف على هذا الوجه:]
بحثنا فى هذه المسألة لا يشمل الكلام على قرآنية الأحرف السبعة النازلة، ولا أوجه الخلاف بين القراءات كما صنع الأئمة الثلاثة: ابن قتيبة وأبو الفضل الرازى وابن الجزرى، لما كان فى كلامهم من كفاية الكلام على ما ذهب إليه الشيخان الجليلان محمد بخيت المطيعى والزرقانى من أن بعض الأحرف السبعة متواترة، وبعضها الآخر غير متواتر ومخالف للمصحف العثمانى فى الرسم فلم تكتب. حتى ادعى الشيخان نسخ ما لم يتواتر منها. والصحيح أن إثبات أصل القرآنية يحتاج لدليل التواتر، فنحتاج إلى ثبوت التواتر أولا فيما ادعيا فيه النسخ، وهذا هو المتسق لكلام الأصوليين وغيرهم ولمنطق العقل السليم. ونحن لا نوافق أيضا على ما ذهب إليه الشيخ المطيعى من لفظية الخلاف بين القائلين ببقاء الأحرف السبعة فى المصحف وبين القائلين ببقاء حرف واحد فقط كما قال الطبرى وغيره. وحاولنا لتفهم