وأما غير المؤمن: فمن العجيب أنه لا يفر من تدينه، وإن كان لا يتمسك بأهدابه، بل ينكره فى سرائه، ولا يذكره إلا فى ضرائه، بل يهتف ساعتها بلسان حاله ومقاله: لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (يونس: ٢٣).
وبهذا: فالتدين فطرة فى الإنسان، وخاصية من خصائصه يسعد به من هداه الله، فيظهر عليه، ويعيش فى رحابه، ويحيا على آدابه، ويخفيه، بل يقاومه من لم يهده الله، فلا يظهر عليه، ولا يعيش فى رحابه، ولا يعرف آدابه، ولا ينطق به إلا وقت الشدائد، يوم لا ينفع نفسا تدينها ولا إيمانها، ويصيرون كمن إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فيهزأ الله منه، ولا يقبل إيمانه؛ حيث يقول له: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (يونس: ٩١) بل يصيرون ضمن من قال- عز وجل- عنهم:
ميز الله- عز وجل- الإنسان بخاصية النطق والتكلم دون باقى المخلوقات، حيث أقسم سبحانه بنفسه على أن أرزاق العباد فى السماء، ثم أكده بأمر واضح للإنسان، ونعمة خاصة به، وهى: النطق، إذ قال: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِ