للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الإيغال]

الإيغال فى اللغة السير حتى النهاية، حسيا كان أو معنويا، ومن معانيه المبالغة فى الطلب حتى لا يترك شيئا يمكن الوصول إليه (١).

وأصله: الإوغال؛ لأنه من أوغل يوغل.

سكنت الواو بعد كسر فقلبت ياء، كأوحى إيحاء، وأوعز إيعازا. ومعناه الاصطلاحى عند البلاغيين مطابق لمعناه عند اللغويين، وقد مهد الأصمعى لإبراز هذا المعنى فكان سابقا فيه غير مسبوق، ولكنه لم يسمه بهذا الاسم (الإيغال) مع حومه حول معناه:

فقد ذكر قدامة بن جعفر أن أبا العباس محمد بن يزيد المبرد قال:

«حدثنى التوزى قال:

«قلت للأصمعى: من أشعر الناس؟

قال: من يأتى إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه كبيرا أو إلى الكبير فيجعله بلفظه خسيسا، أو ينقضى كلامه قبل القافية، فإذا احتاج إليها أفاد بها معنى قال: قلت: نحو من؟ قال: نحو ذى الرمة حيث قال:

قف العيس فى أطلال مية فاسأل ... رسوما كأخلاق الرّداء المسلسل

فتم كلامه قبل «المسلسل» ثم قال:

المسلسل فأفاد شيئا- يعنى معنى جديدا.

ثم قال:

أظن الذى يجدى عليك سؤالها ... دموعا كتبديد الجمان المفصّل

فتم كلامه، ثم احتاج إلى القافية، فقال:

«المفصّل» فزاد شيئا» (٢).

ثم عرّفه قدامة بقوله: «الإيغال هو أن يأتى الشاعر بالمعنى فى البيت تاما، من غير أن يكون للقافية فى ما ذكره صنع، ثم يأتى بها- يعنى القافية- لحاجة الشعر إليها ليكون شعرا. فيزيد بمعناها فى تجويد ما ذكره فى البيت» (٣).

ومثّل له بقول امرئ القيس:

كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذى لم يثقب


(١) لسان العرب، وترتيب القاموس، مادة وغل.
(٢) نقد الشعر (١٩٤).
(٣) نفس المصدر.