للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[* الوسوسة:]

بيد أنه: لا يعدو الشيطان فى حياة الإنسان سوى أن يكون مخلوقا باستطاعته أن يوسوس فى صدر الإنسان بالشر، ويزين له ارتكاب الخطيئة فقط، ثم إن الإنسان هو

الذى يرتكب الخطيئة بإرادته، ويعتبر مسئولا عنها مسئولية تامة.

ففي المفاهيم الإسلامية عدة حقائق عن الشيطان تبين موقعه فى حياة الإنسان، وأثره على إرادته، والحكمة الربانية من وجوده:

الحقيقة الأولى: تتلخص فى أن الشيطان ليس له سلطان على إرادة الإنسان، إلا من سلّم قيادة نفسه له وتبعه مختارا لنفسه طريق الغواية.

ونجد الدليل على هذه الحقيقة فى عدة نصوص قرآنية:

منها: قول الله تعالى يخاطب إبليس رأس الشياطين: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (الحجر:

٤٢).

إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (الإسراء: ٦٥).

فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (النحل: ٩٨ - ١٠٠).

فمن الظاهر فى هذه النصوص أن الله تبارك وتعالى لم يجعل للشيطان سلطانا على الإنسان، وأن سلطانه لا يكون إلا على الذين يتولونه، ويجعلونه قائدا لهم، ويتبعونه مختارين لأنفسهم طريق الغواية.

ومن أجل ذلك فإن الشيطان سيعلن هذه الحقيقة يوم القيامة للذين استجابوا لوساوسه فى الدنيا، يدل على ذلك قول الله تعالى: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (إبراهيم: ٢٢).

ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي: أى ما أنا بقادر على إغاثتكم وما أنتم بقادرين على إغاثتى، حينما يصرخ كل منا طالبا من صاحبه أن يغيثه فيرفع عنه عذاب الله.

الحقيقة الثانية: تتلخص فى أن وظيفة الشيطان فى حياة الإنسان إنما هى الوسوسة فى صدره وليس له قدرة على أكثر من ذلك،