يصور ذلك قوله سبحانه: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (الصافات: ١١).
ثم: صار حمأ مسنونا، أى: أسودا منتنا حصورا، يقول رب العزة: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (الحجر: ٢٦).
وأخيرا: صار هذا الطين جافا يابسا، حتى أصبح صلصالا يشبه الفخار إلا أنه ليس بالفخار، يقول سبحانه: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (الرحمن: ١٤، ١٥).
وأما هذا الطين بالنسبة لذرية هذا الإنسان الأول، وهى السلالات البشرية فمن الطين إلى النبات، إلى الغذاء، إلى الدم، إلى النطفة، إلى العلقة، إلى المضغة ... إلخ.
[رابعا: نفخ الروح:]
ونفخ الروح هذا فى الإنسان الأول، وهو آدم- عليه السّلام- كان بعد أن صار الطين صلصالا.
يقول تعالى: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (ص: ٧١، ٧٢).
وأما بالنسبة لذرية آدم وهى السلالة البشرية فإن نفخ الروح يكون فى الجنين من بعد علوقه بنحو أربعة أشهر، كما فى الحديث الصحيح: «إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون فى ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون فى ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقى أو سعيد» (١٢).
يقول جل وعلا: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (المؤمنون: ١٢ - ١٤).
وأخيرا: ينبغى أن يلاحظ جيدا أمران:
الأمر الأول: أن الله تعالى بعد أن خلق الإنسان الأول، وهو آدم- عليه السلام- خلق سبحانه من هذا الإنسان زوجته.
يقول تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها (الأعراف: ١٨٩).
الأمر الثانى: أن الله تعالى بعد أن خلق الإنسان الأول وهو آدم- عليه السلام- وزوجته خلق السلالات البشرية- بعد مرورها بمراحل: الماء، والتراب، والطين، والنبات،
(١٢) أخرجه البخارى: كتاب «بدء الخلق»، مسلم: كتاب «القدر».