للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا البحث، كما أن العبرة ليست بأن يرويه البعض أو الكل، فإنهم لا يمثلون عدد التواتر، والتواتر حاصل بمن روى ومن وافقوه، وإن كان هناك غيرهم لم ينقلوا ذلك الوجه.

ومن ذهب إلى قراءات الأربعة الزائدين على العشرة وجد فيها أمثلة للمشهور (١٧٧).

ولا يقرأ إلا بالمتواتر، فلا قرآن إلا المتواتر.

[- الآحادية (الشاذة) وحكمها:]

جعل أهل الأصول شذوذ القراءة منوطا بنقل الآحاد، فليس عندهم إلا المتواتر والشاذ، أو المتواتر والآحاد.

والحكم أنه لا يقرأ إلا بالمتواتر.

أما فى الأحكام الأدبية فالعلماء من مختلف التخصصات يقبلون ما نقل على مستوى مقبول، ولا يشترط فيه التواتر فى تلك الأحكام (١٧٨).

وجعل السيوطى الآحاد نوعا، والشاذ نوعا، وقال: إنه لا يقرأ بهما.

فالآحاد عنده هو ما صح سنده وخالف الرسم، أو العربية، أو لم يشتهر الاشتهار المذكور. ومن أمثلته عنده: (من قرات أعين) فى قراءة قوله تعالى: مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ (السجدة: ١٧).

وقوله: (أو العربية). فيه نظر، فإن ما خالف العربية خطأ غير منقول، ولو تراكم الخطأ فيه صار مشهورا، ثم لا تنفعه شهرته.

وقوله: (الاشتهار المذكور). يجعل الاشتهار مستويين. وهذا ونحوه عناء لا طائل وراءه.

لكن ما الحيلة؟!.

والشاذ عند السيوطى هو ما لم يصح سنده. ومن أمثلته قراءة ملك يوم الدين (الفاتحة: ٤) بفتح حروف (ملك) فعلا ماضيا.

وهو مذهب للسيوطى فى «الإتقان» مخالف لمصطلح علماء الحديث فى تعريفهم للشاذ. وما كان بالصفة التى ذكرها (لم يصح سنده) فإنه لا يقبل فى شىء. أما ما صح ولم يتواتر فقد تكرر أنه يقبل فى الأحكام الأدبية اتفاقا- ونجد جمهور الفقهاء يقبلونه فى الأحكام الشرعية العملية إذا تضمن شيئا منها.

- القراءة المدرجة (أو التفسيرية): ظهر للسيوطى نوع من أنواع القراءات قال إنه يشبهه من أنواع الحديث المدرج، وقال: «وهو ما زيد فى القراءات على وجه التفسير، كقراءة سعد بن أبى وقاص: (وله أخ أو أخت من أم) فى قوله تعالى: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ (النساء: ١٢) «أخرجها سعيد بن منصور» (١٧٩). وواضح أنها ليست قرآنا يتلى تعبدا، وإنما يستفاد بها فى التفسير اتفاقا.


(١٧٧) انظر رسالة (القراءات ... ) ص ٤٨٠.
(١٧٨) انظر مناهل العرفان للزرقانى ١/ هامش ٤١٧ - ٤١٨.
(١٧٩) انظر الإتقان ١/ ٢٤٣ وما قبلها.