للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(٩) السنن الإلهية فى خلق الأرض]

الأرض هى الكوكب الوحيد الذى خصه الله- سبحانه وتعالى- بعنايته وفضله بين ملايين الكواكب والنجوم، فى ملايين المجرات التى يضمها الكون، الذى لا يعرف حقيقته إلا الله الذى خلقه.

لقد هيأ الله الأرض للحياة بكل أنواعها لجميع من منّ عليهم بالحياة فيها برا وبحرا وجوا وظاهرا وباطنا، وشرفها بما لم يشرف به كوكبا آخر مع قدرته غير المتناهية على خلق ما يشاء، وذلك طبقا لمعلوماتنا المحدودة كبشر، المستمدة من كتابه العزيز وسنة رسوله وخاتم أنبيائه صلّى الله عليه وسلّم.

لقد أراد الله- سبحانه وتعالى- أن تكون الأرض مستقرا لآدم وذريته من البشر، بعد أن وسوس الشيطان لكل من آدم وزوجته أن يقربا الشجرة التى حرّمها الله عليهما وذلك فى قول الله عز وجل: وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (١).

ولما كانت قصة آدم وخروجه وزوجته من الجنة وهبوطهما إلى الأرض من الأهمية بمكان، فقد وردت مرة أخرى فى سياقها من سورة البقرة فى قول الله عز وجل: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ (٢).

لقد اقتضت المناسبة والإرادة الإلهية تذكيرا للبشرية بوجودها فى الأرض، ذلك


(١) سورة الأعراف: الآيات ١٩ - ٢٥.
(٢) سورة البقرة: الآية ٣٠.