للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤ - التقوى]

التقوى: هى جعل النفس فى وقاية مما يخاف، وحفظها عما يؤذيها ويضرها.

وهى فى الشرع: حفظ النفس عما يؤثّم، وذلك بترك المحظور (٢٧). وسأل عمر بن الخطاب رضى الله عنه أبيّا عن التقوى، فقال: هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم، قال: فما عملت فيه؟ قال: تشمّرت وحذرت، قال: فذاك التقوى.

وفيها: جماع الخير كله، وهى. وصية الله تعالى فى الأولين والآخرين بل هى خير ما يستفيده الإنسان (٢٨)، وعلى أساسها يتفاضل البشر، يقول تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات: ١٣).

وقد ذكرت مادة «التقوى» فى القرآن الكريم (٢٥٨ مرة) منها (٧٠ مرة) وردت بصيغة الأمر بها (٢٧) من الله تعالى لعباده كما فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (التوبة: ١١٩)، كما أمر بها جميع الرسل أقوامهم، فهذا نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، عليهم السلام- على سبيل المثال- يقول كل واحد منهم لقومه: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (الشعراء الآيات: ١٠٧، ١٠٨/ ١٢٥، ١٢٦/ ١٤٣، ١٤٤/ ١٦٢، ١٦٣/ ١٧٨، ١٧٩).

كما بين القرآن صفات المتقين، إرشادا إليها، وحثّا على التحلى بها، فى كثير من آياته الكريمة .. حيث جعل من صفاتهم أنهم الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (البقرة: ٣ - ٥) وكذلك: المتقى .. هو مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ (البقرة: ١٧٧) والمتقون كذلك: هم الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ (البقرة:

١٧٧) وهم الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وهم المحسنون الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ فى ثقة منهم أنه ليس هناك مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (آل عمران: ١٣٤، ١٣٥) وهم الذين: إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ


(٢٧) الراغب: المفردات (كتاب الواو، مادة: وقى).
(٢٨) القرطبى: الجامع لأحكام القرآن (البقرة تفسير الآية ٢).