الآية العاشرة من سورة نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً.
وأما التوشيح فيعنى: أن تكون الفاصلة مذكورة بمعناها فى صدر الآية- فبينه وبين التصدير شبه قريب، غير أن التصدير يكون باللفظ والتوشيح يكون بالمعنى. كما قال الزركشى:
«ويسمى به لكون نفس الكلام يدل على آخره، نزّل المعنى منزلة الوشاح، ونزّل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح، اللذين يجول عليهما الوشاح».
وأما الإيغال فهو: أن تفيد الفاصلة معنى جديدا بعد تمام معنى صدر الآية، فى مضمونه. ومثال ذلك: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء ٨٨]، فقد تم الكلام عند قوله: لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ويصح الاكتفاء به، ثم جاءت الفاصلة لتضيف معنى جديدا، وهو أنهم لا يأتون بمثل القرآن ولو تعاونوا على ذلك جميعا.
ومثاله فى قول الله- عز وجل: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ المائدة ٥٠.
ومما تجدر الإشارة إليه فى هذا المقام:
تلك الفواصل المشتملة على وصف لله مركب من اسمين من أسمائه، أو صفتين من صفاته، مثل غَفُورٌ رَحِيمٌ عَلِيمٌ حَكِيمٌ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وهكذا، ومن أعظم وأبرز مظاهر الإبداع
فى هذا التركيب:
إثبات كمال الصفة لله بما يدفع توهم نقصانها أو طغيانها، فالعزيز- مثلا- وهو القوى الذى لا يغلبه غيره، قد تطغيه قوته، وأمان ذلك أن يكون القوى حكيما، فلا تدفعه قوته إلى ظلم أبدا، كما قال الله عن نفسه:
البسملة: هى قول القائل: بسم الله الرحمن الرحيم، ويعرف هذا بالتوليد، ومثلها الحوقلة، وهى: لا حول ولا قوة إلا بالله، والسبحلة، وهى: سبحان الله، والحمدلة، والتهليل، وهكذا.