العامّ والخاصّ: اسم فاعل من العموم والخصوص ولا خلاف فى كونهما من عوارض الألفاظ، ولكن الخلاف فى كونهما من عوارض المعنى، وتحقيق العلامة الشربينى يجعل الخلاف بين الفريقين خلافا لفظيا أو يكاد، وذلك بأنّ العموم يقصد به التناول تارة، وبهذا يكون من عوارض الألفاظ فقط، وتارة يقع بمعنى الشمول، فيتصف به اللفظ والمعنى. فمن قال: العموم ليس من عوارض المعانى صحّ، إذا كان العموم بمعنى التناول أى: إفادة اللفظ للشيء، ومن قال: العموم من عوارضها صحّ، إذا كان بمعنى الشمول.
وحيث كان الخصوص قسيما للعموم، فما قيل فى العموم يقال فى الخصوص، بمعنى أن الخصوص يكون من عوارض الألفاظ فقط عند ما يكون معنى الخصوص التناول، ويكون من عوارض المعانى أيضا الجزئية مقابل الكلية. ولمّا كان هناك اتفاق بين العلماء على أن العموم والخصوص من عوارض الألفاظ اتجهوا فى تعريفاتهم للعام والخاص إلى هذا الاتجاه، فعرّف ابن السبكى العام بأنه:(لفظ يستغرق الصالح له بغير حصر) فقولهم (لفظ) أخرج الألفاظ المتعددة الدالة على معان متعددة بتعددها. وقولهم:
(يستغرق) أى يتناول جميع أفراده دفعة واحدة، فهو قيد أول أخرج ما لا يستغرق كالنكرة فى سياق الإثبات واسم العدد؛ لأنه يتناول أفراده بالبدلية لا الاستغراق. وقولهم:
(الصالح له) قيد لبيان الماهية؛ لأنه ليس هناك لفظ يستغرق غير الصالح له ليحترز عنه. وقولهم (من غير حصر) قيد ثان يخرج اسم العدد؛ لأنه يتناول بحصر كعشرة ومائة، والنكرة المثناة فى الإثبات وكذلك المجموعة.
فكل ما خرج بالقيدين فهو من الخاص بحيث يمكن صياغة تعريف الخاص بأنه:(اللفظ الذى لا يستغرق ما يصلح له أو يستغرقه مع الحصر)، وبه يفهم معنى قولهم التخصيص هو «قصر العام على بعض أفراده».
وقد تكلم الأصوليون كلاما طويلا فى هذا الباب؛ ولذا سنهتم بما يناسب بحثنا فى علوم القرآن، وسنعتمد على ما قدمه السيوطى فى كتابه «الإتقان» مع التعليق على ما يستحق ذلك.