والثانى: ما كان من الألفاظ دالا على وصف مدلوله المطلق، بصفة زائدة عليه، كقولك: دينار مصرى، ودرهم مكى.
والفرق بين العام والمطلق: أن المطلق يدل على فرد شائع، أو أفراد شائعة فى جنسه، لا على جميع الأفراد، بينما العام يدل على شمول اللفظ لجميع أفراده، من غير حصر.
وإنما يحمل المطلق على المقيد إذا لم يكن للمطلق إلا أصل واحد.
مثال ذلك: إطلاق الشهادة فى البيوع وغيرها، واشتراط العدالة فيها فى الرجعة والوصية، فيحمل المطلق على المقيد، فتكون العدالة شرطا فى كل شهادة، وكذا إطلاق الميراث فيما أطلق فيه، وتقييد ميراث الزوجين بقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ (النساء: ١١ - ١٢) فيحمل المطلق على المقيد، ولا يوزع الميراث فى أى حالة، إلا بعد تنفيذ الوصية، وسداد الدين.
فإن كان للمطلق أصلان، فلا يحمل المطلق على المقيد، وإنما يبقى المطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده.
مثاله: كفارة اليمين، وقضاء رمضان، جاء مطلقا دون تقييد بالتتابع أو بالتفريق، بينما جاء صوم كفارة التمتع فى الحج مقيدا بالتفريق، ثلاثة أيام فى الحج، وسبعة بعد الرجوع، وجاء صوم كفارة القتل مقيدا بالتتابع، فهذان أصلان، تقييد بالتفريق، وتقييد بالتتابع، فماذا نفعل فى إطلاق صوم كفارة اليمين، وقضاء رمضان؟ إلى أى أصل من الأصلين يرد هذا الإطلاق؟ إلى التقييد بالتفريق أم إلى التقييد بالتتابع؟ هنا نقول:
يبقى هذا المطلق على إطلاقه، ولا يقيد بأحد القيدين، لأن حمله على أحدهما ليس بأولى من حمله على الآخر.
[خامسا: الجمع بين ما يوهم ظاهره التناقض:]
ومن تفسير القرآن بالقرآن الجمع بين ما يوهم التعارض من آياته، لأن الاختلاف نوعان:
١ - اختلاف حقيقى، وهو ما لا يمكن الجمع فيه بين الشيئين، بأى وجه من الوجوه، وهذا غير موجود فى القرآن على الإطلاق.
٢ - اختلاف غير حقيقى، وهو الذى يبدو للناظر فى بعض الآيات من أول نظرة سطحية لها، وحين التدقيق بين النصوص يتضح عدم التعارض.