للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال السيوطى: فروع منثورة تتعلق بالعموم والخصوص: الأول: إذا سيق العام للمدح أو الذم، فهل هو باق على عمومه؟ فيه مذاهب:

أحدها: (نعم) إذ لا صارف عنه، ولا تنافى بين العموم وبين المدح أو الذم.

والثانى: لا؛ لأنه لم يسق للتعميم بل للمدح أو الذم.

والثالث: وهو الأصح: التفصيل، فهو إن لم يعارضه عام آخر لم يسق لذلك، ولا يعم إن عارضه ذلك، جمعا بينهما. مثاله- ولا معارض- قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٠٦) ومع المعارض قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ (١٠٧). فإنه سيق للمدح، وظاهره يعم الأختين بملك اليمين جمعا، وعارضه فى ذلك: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ (١٠٨)؛ فإنه شامل لجمعهما بملك اليمين، ولم يسق للمدح فحمل الأول على غير ذلك بأنه لم يرد تناوله له. ومثاله فى الذم: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ (١٠٩) الآية فإنه سيق للذم، وظاهره يعم الحلى المباح. وعارضه فى ذلك حديث جابر: «ليس فى الحلى زكاة». فحمل الأول على غير ذلك.

الثانى: اختلف فى الخطاب الخاص به صلّى الله عليه وسلم، نحو: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ هل يشمل الأمة؟ فقيل: نعم؛ لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفا، والأصح فى الأصول المنع لاختصاص الصيغة به.

الثالث: اختلف فى الخطاب ب يا أَيُّهَا النَّاسُ، هل يشمل الرسول صلّى الله عليه وسلم؟ على مذاهب: أصحّها- وعليه الأكثرون: نعم لعموم الصيغة له؛ أخرج ابن أبى حاتم عن الزهرى قال: إذا قال الله: «يأيها الذين آمنوا افعلوا» فالنبى صلّى الله عليه وسلم منهم.

والثانى: لا؛ لأنه ورد على لسانه لتبليغ غيره، ولما له من الخصائص.

والثالث: إن اقترن ب «قل» لم يشمله لظهوره فى التبليغ، وذلك قرينة عدم شموله؛ وإلا فيشمله.

الرابع: الأصح فى الأصول أن الخطاب ب «أيها الناس» يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ، وقيل: لا يعم الكافر بناء على عدم تكليفه بالفروع. ولا العبد؛ لصرف منافعه إلى سيده شرعا.

الخامس: اختلف فى «من» هل تتناول


(١٠٦) الانفطار: ١٣، ١٤.
(١٠٧) المؤمنون: ٥، ٦.
(١٠٨) النساء: ٢٣.
(١٠٩) التوبة: ٣٤.