للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة، فهى آتية لا ريب فيها، وهو- سبحان وتعالى- يبعث من فى القبور (١١).

وقال: وقال غيره: استدل- سبحانه- على المعاد الجسمانى بضروب أحدها: قياس الإعادة على الابتداء كما فى قوله تعالى:

كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ (١٢)، وثانيها:

قياس الإعادة على خلق السموات والأرض بطريق الأولى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ (١٣)، وثالثها: قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات، ورابعها: قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر، وخامسها: أن الاختلاف جبلة فى الدنيا، فلا بد من حياة أخرى غير هذه الحياة، يرتفع فيها الخلاف والعناد، وهذا ما وعد الله به فى قوله تعالى:

وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ (١٤).

ثم ذكر استدلالهم على أن الله صانع العالم، وهو واحد بدليل التمانع فى قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (١٥).

ثم أخذ السيوطى يبين طرفا من المصطلحات المعروفة فى علم الجدل، فذكر منها: السبر والتقسيم، ومن أمثلته فى القرآن قوله تعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ (١٦) الآيتين، فقد ردّ الله- سبحانه- فى الآيتين على الكفار فى تحريمهم ذكور الأنعام بالسبر والتقسيم، وكأنه يبين لهم أنه لا تصح أى علة للتحريم، فإما أن تكون العلة الأنوثة، أو الذكورة، أو اشتمال الرحم لهما، أو لا تدرى لها علة، فهو التعبدى، وهم لا يتلقون عن الله ليزعموا ذلك.

ومنها- أى المصطلحات: القول بالموجب.

ونقل عن ابن أبى الأصبع تعريفه: بأنه رد كلام الخصم من فحوى كلامه.

وقال غيره هو قسمان: أحدهما: أن تقع صفة فى كلام الغير كناية عن شىء أثبت له حكما، فيثبتها لغير ذلك الشيء كقوله تعالى:

يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ (١٧)، فالأعز فى كلام المنافقين كناية عنهم، فنثبتها لغير ذلك وهو الله ورسوله (فالأعز) الله رسوله صلّى الله عليه وسلم و (الأذل) المنافقون.

ثانيهما: حمل لفظ وقع فى كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه.

وذكر له مثالا ظفر به فى قوله تعالى:

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ (١٨) فحمل لفظ (أذن) التى للسبب، على (الأذن) الحاسة.


(١١) بديع القرآن: (ص ٣٧، ٤٨).
(١٢) سورة الأنبياء (١٠٤).
(١٣) سورة يس (٨١).
(١٤) سورة الأعراف (٤٣).
(١٥) سورة الأنبياء (٢٢).
(١٦) سورة الأنعام (١٤٣).
(١٧) سورة المنافقون (٨).
(١٨) سورة التوبة (٦١).