للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصاحف دون نكير من الأوساط العلمية ذات الشأن ما دام اللبس مأمونا والقرآن مميزا لا يختلط بشيء من تلك الإضافات.

أحكام أخرى تتعلق بالمصحف ذكرها صاحب «الإتقان»: قال السيوطى- رحمه الله: «فصل فى آداب كتابته:» يستحب كتابة المصحف وتحسين كتابته وتبيينها وإيضاحها وتحقيق الخط دون مشقة، وأما تعليقه فيكره. وكذا كتابته فى الشيء الصغير. أخرج أبو عبيد فى «فضائله» عن عمر أنه وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فكره ذلك وضربه، وقال:

عظموا كتاب الله.

وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سرّ به.

وأخرج عبد الرزاق عن علىّ: أنه كان يكره أن تتخذ المصاحف صغارا وأخرج أبو عبيد عنه أنه كره أن يكتب القرآن فى الشيء الصغير.

وأخرج هو والبيهقى فى «الشّعب» عن أبى حكيم العبدى، قال: مر بى علىّ وأنا أكتب مصحفا، فقال: أجل قلمك، فقضمت من قلمي قضمة، ثم جعلت أكتب فقال: نعم، هكذا نوره كما نوره الله. وأخرج البيهقى عن علىّ موقوفا، قال: تنوق رجل فى «بسم الله الرحمن الرحيم» فغفر له. وأخرج أبو نعيم فى تاريخ «أصبهان» وابن أشتة فى «المصاحف» من طريق أبان، عن أنس مرفوعا: «من كتب بسم الله الرحمن الرحيم مجودة غفر الله له». وأخرج ابن أشتة عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله: إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم، فليمد «الرحمن». وأخرج عن زيد بن ثابت: أنه كان يكره أن تكتب «بسم الله الرحمن الرحيم» ليس لها سين. وأخرج عن يزيد بن أبى حبيب أن كاتب عمرو بن العاص كتب إلى عمر فكتب: «بسم الله» ولم يكتب لها سينا، فضربه عمر، فقيل له: فيم ضربك أمير المؤمنين؟

قال: ضربنى فى سين. وأخرج عن ابن سيرين: أنه كان يكره أن تمد الباء إلى الميم حتى تكتب السين. وأخرج ابن أبى داود فى «المصاحف» عن ابن سيرين: أنه كره أن يكتب المصحف مشقا (٤)؛ قيل: لم؟ قال: لأن فيه نقصا.

وتحرم كتابته بشيء نجس، وأما بالذهب فهو حسن، كما قاله الغزالى. وأخرج أبو عبيد عن ابن عباس وأبى ذر وأبى الدرداء أنهم كرهوا ذلك. وأخرج عن ابن مسعود: أنه مر عليه مصحف زين بالذهب. فقال: إن أحسن ما زين به المصحف تلاوته بالحق. قال أصحابنا: وتكره كتابته على الحيطان


(٤) فى المصباح: «ومشقت الكتاب مشقا، من باب قتل: أسرعت فى فعله» أه. أى فهو يؤدى بما فيه من العجلة إلى إمكان وقوع نقص فى كلمة أو حرف، وهذا هو ما قصده ابن سيرين رحمه الله فيما ذكر من علة كراهته.