بالإضافة إلى التفسير المنسوب لابن عربى، فكما اهتم فيه بالتفسير الصوفى النظرى اهتم فيه أيضا بالتفسير الإشارى.
موقفنا من التفسير الصوفى: بالنسبة للتفسير الصوفى النظرى: فإنه بالتأمل فيه، وبخاصة فيما ورد عن إمام هذا النوع فى التفسير المنسوب إليه، وفى كتابيه «الفتوحات المكية» و «الفصوص» لا يمكننا أن نعتبر ذلك تفسيرا للقرآن، وإنما هو فكر شاذ أريد به الذيوع، عن طريق التستر بزى تفسير الكلام الإلهى، وعباءة البيان القرآنى، لأن هذا التفسير قائم على القول بوحدة الوجود، ومعناه عندهم أنه ليس هناك إلا وجود واحد، كل العالم مظاهر ومجال له، فالله عندهم هو الموجود بحق، وكل ما عداه أوهام وخيالات، ووصفها بالوجود إنما هو على سبيل المجاز، فإذا أضيف إلى ذلك بقية الأفكار الفلسفية التى تتعارض مع الإسلام، والتى قام عليها هذا التفسير، كان ذلك أدعى إلى نبذ هذا التفسير، لأنه انحراف ظاهر، وشذوذ واضح.
أما التفسير الإشارى: فرغم أنه لا ينفى الظاهر المراد، فقد رأينا فيه أيضا العجب العجاب، بحيث إنه لا يمكننا فى كثير منه- إن لم يكن فى أكثره- الجمع بين ما يقال إنه إشارات إلهية والظاهر المراد، وأرى أن الأولى لنا- فيما لم يكن ظاهره البطلان والفساد- التوقف فى قبوله، لأنه مبنى على الوجدان، وهذا أمر لا نقطع بصحته لصاحبه، إضافة إلى أنه يفتح المجال واسعا لادعاء الكاذبين فى التقول على الله- تعالى- بغير علم.
وإذا كان الآلوسي يقول فى مقدمة تفسيره:«فالإنصاف كل الإنصاف التسليم للسادة الصوفية، الذين هم مركز للدائرة المحمدية ما هم عليه، واتهام ذهنك السقيم فيما لم يصل لكثرة العوائق والعلائق إليه.
وإذا لم تر الهلال فسلم ... لأناس رأوه بالأبصار». (٨٤)
فإن الدكتور/ محمد الذهبى- رحمه الله- يعقب على قوله هذا وعلى قول مثله لابن عربى بقوله:«ومثل هذه الأقوال أشبه ما تكون بالإكراه لنا على قبول وجدانيات القوم وشطحاتهم مهما أوغلت فى البعد والغرابة، وتوريط لنا بتسليم كل ما يقولون تحت تأثير ما لهم فى نفوسنا من المكانة العلمية والدينية». إلى أن يقول: «إن مثل هذه التفاسير الغريبة للقرآن مزلة قدم لمن لم يعرف مقاصد القوم، وليتهم احتفظوا بها