منهم أشبه بحاطب ليل، ثم خطا المفسرون بعد ذلك خطوة متخصصة، أو قريبة منها، حيث رأينا الواحد منهم يصبغ تفسيره بالصبغة التى برع فيها، أو طغت عليه، فوجدنا بعضهم يهتم بالإعراب وقواعد النحو وفروعه، كما هو صنيع الزجاج، والواحدى، وأبى حيان، ووجدنا آخرين جعلوا كل همهم سرد القصص عن السابقين، بصرف النظر عن صحتها أو بطلانها، كما فعل الثعلبى، ووجدنا صنفا آخر صب اهتمامه على مسائل الفقه، وكأنه أراد بتفسيره أن يكون موسوعة فقهية، كما فعل القرطبى، كما رأينا صنفا آخر جعل العلوم العقلية والفلسفية بؤرة اهتمامه فى التفسير، كالفخر الرازى.
أما أصحاب البدع، كالمعتزلة والخوارج، فمتى لاحت لهم شاردة تخدم بدعتهم وخيّل لهم أن لها موضعا فى تفسير الآية سارعوا فى وضعها، كما فعل الزمخشرى فى كشافه، وكذلك فعل الملاحدة، كالباطنية فى تفاسيرهم.
ومع امتداد الزمان وتنوع العلوم، ووقوف العلماء على كثير من أسرار هذا الكون، ومع تعدد نظم الاجتماع والعمران، رأينا فى كل عصر طبقة تهتم بناحية أو أكثر من نواحى القرآن.