للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قراءة النصب هو غسل الرجلين فى حالة ظهور القدمين ببيان السنة الفعلية، والمستفاد من قراءة الخفض هو المسح على الخفين ببيان السنة أيضا، حيث لم يفعل النبى صلّى الله عليه وسلم المسح إلا فى هذه الحالة، كما أنه فى حالة ظهورهما لم يكن منه إلا الغسل (١٠٦).

- وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (المائدة:

٩٥) قرأه الكوفيون ويعقوب فَجَزاءٌ بالتنوين، مثل بالرفع (١٠٧)، وذهب الشافعى إلى أن الرجل إذا أصاب صيدا وهو محرم فى الحرم يجب عليه من النعم مثل المقتول من الصيد مثلية من طريق الخلقة، فإن أصاب حمار وحش فعليه بدنة (١٠٨) وإن أصاب ظبيا فعليه شاة. وهذه القراءة تدل على ذلك، فإن معناها: فجزاء ذلك الفعل:

مثل ما قتل. والمثل- فى ظاهره- يقتضى المماثلة من طريق الصورة، لا من طريق القيمة (١٠٩).

وقرأه الباقون بالإضافة بدون تنوين وبخفض اللام (١١٠).

ومذهب أبى حنيفة أن الصيد المقتول يقوّم بقيمته من الدراهم ثم يشترى القاتل بهذه القيمة فداء من النعم ثم يهديه إلى الكعبة.

واستدل بهذه القراءة، فإن التقدير: فعليه جزاء مثله، أو: فجزاء مثل المقتول واجب عليه. ووجه الدليل فى هذا أنك إذا أضفته يجب أن يكون المضاف غير المضاف إليه، لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه، فيجب أن يكون المثل غير الجزاء (١١١). فالنتيجة بالنسبة إلينا ثراء فقهى من أثر القراءات.

- وقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ (الأنفال: ٧٢) قرأه حمزة بكسر واو وَلايَتِهِمْ والباقون بفتحها (١١٢). وفسرت الولاية بالكسر بالميراث، فأفادت هذه القراءة أنه لا ميراث بالإيمان إلا إذا تمت الهجرة.

وكان هذا فى مرحلة من تاريخ أحكام الميراث.

والولاية بالفتح بمعنى النصرة فى أكثر استعمالها، فأفادت هذه القراءة أنه لا تجب النصرة للمؤمن الذى لم يهاجر. ثم أوجبتها الآية فى حالة خاصة، وهى ما إذا طلبت. كما


(١٠٦) انظر شرح الفقه الأكبر لملا على قارى ص ٧٥ ط الثانية الحلبى ١٩٥٥ م.
(١٠٧) انظر النشر ٢/ ٢٥٥.
(١٠٨) البدنة: البعير ذكرا كان أو أنثى. قال مالك والشافعية والحنابلة: بشرط أن يكون مجزئا فى الأضحية، وهو ما بلغ خمس سنين وطعن فى السادسة. انظر الإقناع للشربينى ١/ ٢٤٧، ٢/ ٢٤٠ الطبعة الأخيرة الحلبى ١٩٤٠ م، والموسوعة الفقهية ٢/ ١١٨ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويت إعادة طبع ١٤١٤ هـ- ١٩٩٣ م.
(١٠٩) انظر حجة القراءات ٢٣٥ - ٢٣٦.
(١١٠) انظر النشر السابق.
(١١١) انظر حجة القراءات ٢٣٦ - ٢٣٧.
(١١٢) انظر النشر ٢/ ٢٧٧.