للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أولادهم). وفى المصحف العثمانى الذى أرسل إلى الشام (شركائهم) بالياء، وفيما عداه من المصاحف العثمانية (شركاؤهم) بالواو. وواضح أن هذا الحكم لا يختص بضرورة الشعر (١٢٥).

ومعنى هذه القراءة: (زين لكثير من المشركين قتل شركائهم لأولادهم، أى استحسنوا ما توسوسه شياطين الإنس من سدنة الأصنام وشياطين الجن من قتل الأولاد. فكأن هؤلاء الشركاء هم الذين قتلوهم. ففائدة هذه القراءة إذن: تذكر أولئك السفهاء بقبح طاعة أولئك الشركاء فى أفظع الجرائم والجنايات وهو قتل الأولاد) (١٢٦).

وفائدة قراءة غير ابن عامر: بيان قبح ذلك الفعل من أفعال الشركاء وهو التزيين المذكور.

وهذا من بديع أمر القراءات أن يتعدد المعنى وتكثر معانى القرآن مع غاية من الإيجاز، حتى كانت القراءات وجها من وجوه إعجاز القرآن، أو معمّقة لإعجازه البيانى (١٢٧).

دخول لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب: (احتج على جواز إدخال لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب بقراءة قوله تعالى: فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا (يونس: ٥٨) (فلتفرحوا) (بالتاء) (١٢٨). وهى قراءة رويس عن يعقوب من العشرة (١٢٩)، فهى متواترة، فليحذر من القول بشذوذها أخذا من ظاهر سياق السيوطى فى «الاقتراح»، أو من نسبتها إلى أبىّ وأنس فقط كما فى شرح «الأشمونى» على «الألفية». وهى قراءة جماعة، فضلا عن أنها لغة النبى صلّى الله عليه وسلم (١٣٠).

- سكون لام الأمر بعد ثمّ:

أثبته ابن مالك بقراءة حمزة (١٣١) ثُمَّ لْيَقْطَعْ (الحج: ١٥)، وهى قراءة جماعة منهم عاصم (١٣٢) الذى نقرأ بقراءته من رواية حفص. وفى ذلك رد على من قال إنه خاص بالشعر. وليس ضعيف ولا قليل- خلافا لمن زعم ذلك. هكذا قرره ابن هشام (١٣٣)، والأشمونى على الألفية (١٣٤).

- تأنيث الفعل مع مرفوعه المذكر المجازى:

استدل سيبويه على جواز ذلك بقراءة ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (الأنعام: ٢٣) بتأنيث (تكن) ونصب (١٣٥) (فتنتهم) فهى خبر (تكن) مقدم، واسمها المصدر المؤول (أن قالوا ... ) وهو مرفوعها. واستشهد بغيرها أيضا (١٣٦)، وإن كانت كافية، لكن لا بأس، كما لا بأس بأن يذكر الحكم أولا ثم يستدل عليه بالقراءة، وإن كنا نرى الوجاهة فى ذكر القراءة أولا ثم استفادة الحكم منها (١٣٧). إلى غير ذلك من قراءات وآثار لها فى الأحكام النحوية


(١٢٥) انظر النشر ٢/ ٢٦٣.
(١٢٦) انظر تفسير المنار ٨/ ١٠٩ - ١١٠ طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة ١٩٧٤.
(١٢٧) رسالة (القراءات ... ) فيها شرح ذلك كله بتوسع فى صفحات كثيرة.
(١٢٨) انظر النشر ٢/ ٢٨٥.
(١٢٩) انظر السابق.
(١٣٠) انظر حجة القراءات ٣٣٣ - ٣٣٤، ورسالة (القراءات ... ) ص ٨٠٦.
(١٣١) انظر الاقتراح فى أصول النحو للسيوطى ٥٨ - ٥٩.
(١٣٢) انظر النشر ٢/ ٣٢٦ للاستنتاج منه.
(١٣٣) انظر مغنى اللبيب لابن هشام ١/ ١٨٥ - ١٨٦ ط عيسى الحلبى.
(١٣٤) انظر على هامش حاشية الصبان ٤/ ٥ السابقة.
(١٣٥) وهى قراءة نافع وجماعة. انظر النشر ٢/ ٢٥٧.
(١٣٦) انظر «سيبويه والقراءات» د. أحمد مكى الأنصارى (ص ٢٠٥ - ٢٠٦) دار المعارف ١٩٧٢ م.
(١٣٧) انظر رسالة (القراءات ... ) ص ٨١٠.