للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطرقه فى تحصيله أن يحضر فى قلبه الحزن، بأن يتأمل ما فيه من التهديد، والوعيد الشديد، والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره فى ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبك على فقد ذلك فإنه من أعظم المصائب (٢٦).

١٤ - حق التلاوة: ينبغى لقارئ القرآن أن يتلو القرآن الكريم حق تلاوته، ويتبع ما جاء فيه من أحكام وآداب حق اتباعه، لقول الله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (سورة البقرة آية ١٢١).

وروى ابن أبى حاتم بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فى معنى قوله تعالى: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ قال: إذا مرّ بذكر الجنة سأل الله الجنة، وإذا مرّ بذكر النار تعوّذ بالله من النار». وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «والذى نفسى بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله» (٢٧).

وعن ابن عباس- رضى الله عنهما- فى معنى هذه الآية قال: «يحلون حلاله ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه عن مواضعه» وقال أيضا: يتبعونه حق اتباعه.

وقال الحسن البصرى: «يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه» (٢٨).

وقال الإمام الغزالى: «تلاوة القرآن حق تلاوته أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان: تصحيح الحروف، وحظ العقل: تفسير المعانى، وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر والانزجار والائتمار، فاللسان يرتل، والعقل ينزجر، والقلب يتعظ» (٢٩).

١٥ - هيئة قارئ القرآن: يستحب لقارئ القرآن فى غير الصلاة أن يستقبل القبلة. فقد جاء فى الحديث: «خير المجالس ما استقبل به القبلة» (٣٠)، ويجلس متخشعا بسكينة ووقار، مطرقا رأسه، ويكون جلوسه وحده فى تحسين أدبه وخضوعه، كجلوسه بين يدى معلمه، فهذا هو الأكمل.

ولو قرأ قائما أو مضطجعا، أو فى فراشه أو غير ذلك من الأحوال جاز، وله أجر، ولكن دون الأول. قال الله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ (سورة آل عمران آية: ١٩٠، ١٩١).


(٢٦) التبيان فى آداب حملة القرآن للنووى ص ٦٣.
(٢٧) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٢٣٥.
(٢٨) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ١/ ٢٣٦.
(٢٩) نهاية القول المفيد فى علم التجويد ص ٢٣٦ للشيخ/ محمد مكى نصر. طبعة الحلبى.
(٣٠) الحديث: رواه الطبرانى فى الأوسط ٣/ ١٨٢، ١٨٣ رقم ٢٣٧٥ من حديث أبى هريرة بإسناد حسن.