هذا الجمال التوقيعى فى لغة القرآن لا يخفى على أحد ممن يسمع القرآن، حتى الذين لا يعرفون لغة العرب. فكيف يخفى على العرب أنفسهم؟
ثم يقول- أيضا- فإذا ما اقتربت بأذنك قليلا قليلا، فطرقت سمعك جواهر حروفه خارجة من مخارجها الصحيحة. فاجأتك منه لذة أخرى فى نظم تلك الحروف ورصفها، وترتيب أوضاعها فيما بينها: هذا ينقر وذاك يصفر، وثالث يهمس، ورابع يجهر، وآخر ينزلق عليه النّفس، وآخر يحتبس عنده النفس، وهلمّ جرّا، فترى المجال اللغوى ماثلا أمامك فى مجموعة مختلفة مؤتلفة، لا كركرة ولا ثرثرة، ولا رخاوة ولا معاظلة، ولا تناكر ولا تنافر، وهكذا ترى كلاما ليس بالحضرى الفاتر، ولا بالبدوى الخشن، بل تراه وقد امتزجت فيه جزالة البادية وفخامتها، برقة الحاضرة وسلاستها، وقدر فيه الأمران تقديرا لا يبغى بعضهما على بعض. فإذا مزيج منهما كأنما هو عصارة اللغتين وسلاستهما، أو كأنما هو نقطة الاتصال بين القبائل عندها تلتقى أذواقهم، وعليها تأتلف قلوبهم (٢).
أ. د. السيد إسماعيل على سليمان
المصادر والمراجع:
(٢) النبأ العظيم نظرات جديدة فى القرآن ص ١٠١ - ١٠٤ بتصرف طبعة دار المنار الرابعة ١٣٩٧ هـ ١٩٧٧ م.