للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ المائدة/ ٦.

فعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة- رضى الله عنها- زوج النبى صلّى الله عليه وسلم قالت: «خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لى، فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه فقالوا: أترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلّى الله عليه وسلم وبالناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر رضي الله عنه ورسول الله صلّى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذى قد نام، فقال: حبست رسول الله صلّى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء! قالت عائشة- رضى الله عنها-: فعاتبنى أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعننى بيده فى خاصرتى، ولا يمنعنى من التحرك إلا مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم على

فخذى، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير رضي الله عنه: ما هى بأول بركتكم يا آل أبى بكر قالت: فبعثنا البعير الذى كنت عليه فإذا العقد تحته» (٣٠).

والمقصود بآية التيمم هنا: هى آية المائدة التى مر ذكرها قبل قليل، لأنه قد ورد فى نفس الباب عند البخارى رواية من طريق ابن وهب: عن عمرو عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه فى نفس القصة جاء فى نهايتها قول أم المؤمنين- رضى الله عنها-: «ثم إن النبى صلّى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح- أى صلاة الصبح- فالتمس الماء فلم يوجد، فنزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الآية فقال أسيد بن حضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبى بكر، ما أنتم إلا بركة لهم».

وقد أشكل على العلماء المقصود بآية التيمم فى قول أم المؤمنين عائشة- رضى الله عنها- وقد ساق ابن حجر- رحمه الله تعالى- هذا الإشكال من خلال مقولات العلماء فى المقصود بالآية، ثم حقق أنها آية المائدة، قال رحمه الله تعالى: «قال ابن العربى: هى معضلة ما وجدت لدائها من دواء، لأنا لا نعلم أى الآيتين عنت عائشة- رضى الله عنها- قال ابن بطال: هى آية النساء (٣١) أو آية المائدة. وقال القرطبى: هى آية النساء، ووجهه بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء،


(٣٠) صحيح البخارى: ك: التفسير، ب: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً حديث/ ٤٦٠٧.
(٣١) وهى قول الله تبارك وتعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً النساء/ ٤٣.