منهم أن ينبؤا الله- وهو أعلم- بأسماء الأشياء التى علم الله أسماءهم لآدم.
المتكلم فى هذه الآية هم الملائكة.
والمخاطب هو الله عز وجل.
والملائكة، لا ينكرون أن الله هو العليم الحكيم. والله- وهو المخاطب- لا ينكر أنه هو العليم الحكيم. فكان مقتضى ظاهر الحال أن يقولوا: أنت العليم الحكيم بدون أية مؤكدات. لأن التوكيدات لا تكون إلا مع المنكر. ومع هذا نرى خطاب الملائكة، لله جاءت فيه أربع مؤكدات، هى:
إنّ- أنت- اسمية الجملة- تعريف المسند إليه والمسند (المبتدأ والخبر).
فالمسند إليه هو «الكاف» فى إِنَّكَ والمسند هو الْعَلِيمُ.
إن الداعى والسر البلاغى فى هذه المخالفة هو:«أن مضمون الخبر فى هذا التركيب حقيقة عظيمة، ومن حق الحقائق العظيمة أن يعبر عنها فى البيان العظيم بأسلوب فخم عظيم مثلها» وهذا المنهج خاص ببيان القرآن الكريم، ليس له نظير فى بلاغة البلغاء من البشر، وله فى القرآن الكريم مواطن أخرى فى آيات الله المعجزة.
فالتوكيد فى الآية لم يكن مراعا فيه حال المتكلم، ولا حال المخاطب. بل الذى روعى فيه حال المعنى وحده. وللإخراج على خلاف الظاهر فى القرآن الكريم صور أخرى هى:
الالتفات- ووضع المظهر موضع المضمر، ووضع المضارع موضع الماضى، ووضع الماضى موضع المضارع، ثم القلب. والمقام- هنا- لا يتسع للحديث عنها.