وذكر ما يلائم المشبه- هنا- أبلغ من ذكر ما يلائم المشبه به؛ لأن المقام يقتضى التجريد دون الترشيح؛ لأن فى الإذاقة إشارة إلى شدة الإحساس بالألم لأنه شعور به من داخل الإنسان.
أما إحاطة اللباس فلا تعدو أن تكون مجرد إحساس من الخارج الملاصق لأجسامهم من خارجها. فالترشيح فى مقامه أبلغ من التجريد. والتجريد فى مقامه أبلغ من الترشيح فى البيان القرآنى المعجز ووجه أبلغية التجريد على الترشيح فى هذه الآية أن «لباس» أضيف إلى الْجُوعِ وَالْخَوْفِ- وهما آفتان تصيبان المبتلى بهما من الداخل.
فالإحساس بهما يشعر به المبتلى بهما من داخله لا من خارجه والإذاقة هى وسيلة القذف والازدراد إلى جوف الذائق.
فلا يفهم من قول البلاغيين «الترشيح أبلغ من التجريد» لما فيه من شدة تناسى التشبيه، أن فى القرآن تفاوتا بين أساليبه بحيث يكون بعضها أبلغ من بعض؛ لأن أساليب القرآن تأتى دائما وافية بما يقتضيه المقام فالقرآن كله على درجة واحدة من البلاغة والبيان.