قالوا: ونسخ وجوبها للوالدين والأقربين الوارثين لا يستلزم نسخ وجوبها فى غيرهم).
الثانية: قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ. ذهب جمهور المفسرين إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
واعتمدوا فيما ذهبوا إليه على آثار كثيرة وردت فى صحيح البخارى ومسلم ومسند أحمد.
لكن قد ورد ما يفيد أنها محكمة؛ فقد روى البخارى فى التفسير عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول فى هذه الآية: «ليست منسوخة، وهو للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان كل يوم مسكينا».
الثالثة: قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ البقرة: ١٨٧.
قيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ فقد روى أن شهر رمضان قد فرض على الذين من قبلنا على الوجه الذى كان مفروضا على المسلمين قبل نزول هذه الآية الناسخة، بمعنى أنهم قد كتب عليهم أنه إذا صلّى أحدهم العشاء ونام حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها من الليلة المقبلة.
وهذا ما رواه أبو جعفر الرازى عن الربيع ابن أنس عمن حدثه عن ابن عمر.
ونحن لا ندرى على وجه اليقين أن الصوم قد فرض على الذين من قبلنا على هذا النحو، فيكون الأصح الذى تطمئن إليه النفس أن هذه الآية ناسخة للسنة التى كان عليها المسلمون فى أول الإسلام.
الرابعة: قوله جل شأنه: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ البقرة: ٢١٧.
ذكر القرطبى وغيره من المفسرين: (أن العلماء اختلفوا فى نسخ هذه الآية، فالجمهور على نسخها، وأن قتال المشركين فى الأشهر الحرم مباح.
واختلفوا فى ناسخها:
فقال الزهرى: نسخها وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً التوبة ٣٦.
وقيل: نسخها غزو النبى صلّى الله عليه وسلم ثقيفا فى الشهر الحرام، وإغزاؤه أبا عامر إلى أوطاس فى الشهر الحرام.
وكان عطاء يقول: الآية محكمة، ولا يجوز القتال فى الأشهر الحرام، ويحلف على ذلك؛