للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الكثير من الفوائد والحقائق التى أشار إليها الخطاب القرآنى بألطف العبارات، ومنها قوله تعالى: فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً (٣٧).

وفى هذه الآيات الكريمة إشارة واضحة إلى أهمية بلح الرطب فى عملية الولادة. ذلك أن احتواء التمر على نسبة عالية من المواد السكرية يعطى طاقة عالية للمرأة الحامل والمرضع، ويعوض ما أصابها من ضعف أثناء الوضع ويعيد لها نشاطها، كما أن التمر يعوض نقص المعادن والفيتامينات، علاوة على ما ثبت طبيا من فائدته فى إدرار لبن المرضع.

ومعظم السكريات التى فى التمر من نوع سكر الفاكهة (فركتوز) وسكر العنب (جلوكوز)، وهى سكريات بسيطة سهلة الهضم والامتصاص والاحتراق لإمداد الجسم بالطاقة إثر تناولها بفترة قصيرة، فإن أخذتها المرأة أثناء المخاض كان ذلك من أحسن الأغذية لها، حيث إن عضلة الرحم من أضخم عضلات الجسم وتقوم بمجهود شاق أثناء الولادة التى تستهلك كمية كبيرة من الطاقة وتتطلب تعويضها بكميات جيدة ونوعية خاصة من السكريات سهلة الهضم سريعة الامتصاص والتمثل، كتلك التى فى الرطب.

كما أن الرطب من المواد الملينة المنظفة للأمعاء، وذلك مما يساعد على الولادة لأن الأمعاء الغليظة والمستقيم الممتلئ بالنفايات، يعيق حركة الرحم وانقباضه. ومن المعروف طبيا أن الملينات النباتية تفيد فى تسهيل وتأمين عملية الولادة بتنظيفها للأمعاء الغليظة على وجه الخصوص، ولذا يحرص أطباء النساء والولادة على إعطاء الحامل عند بداية المخاض حقنة شرجية لتنظيف المستقيم والأمعاء الغليظة.

وتحتاج الحامل فى حالة المخاض أيضا إلى السوائل، وذلك لأن شرب الماء يعتبر مذيبا للمواد الغذائية. ويحرص أطباء التوليد على أن يقدموا للحامل وهى بحالة المخاض الماء والسكر بشكل سوائل سكرية، ومن هنا فإن أكل الرطب وشرب الماء لإذابة المواد الموجودة فيه وتسهيل امتصاصها، فضلا عن أن مجهودا شاقا مثل الولادة يتطلب سوائل، كل هذا، خير معين للمرأة أثناء المخاض والوضع، مما يوضح إحدى صور الإعجاز العلمى الرائع فى قوله تعالى: فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً، خاصة وأن أبحاث العلماء قد


(٣٧) سورة مريم: ٢٣ - ٢٦.