للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمؤمنين، ودحض حججهم وتسفيه عللهم؛ وذلك لأن الشرك والكفر هما أسوإ سبيل لعصيان رب الكون وخالقه، وذلك فى قوله عز وجل:

إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (لقمان آية ١٣).

يقول الله عز وجل فى شأن هؤلاء: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. (٢)

إن هؤلاء الكفار لم يقف الأمر بهم عند رفض الإيمان ولكنهم كانوا يصدّون الناس عن الإيمان بالترغيب تارة وبالترهيب والأذى تارات أخرى، وإن ما كان يصنعه طغاة مشركى قريش من إيقاع أشد أنواع الأذى بالذين آمنوا من المستضعفين مسطور فى كتاب الله ومسجل فى كتب السيرة.

وفى هؤلاء أيضا يقول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣).

وإن دائرة الكفر لا يقف الأمر بها عند إنكار الإيمان بالله، وإنما تتسع تلك الدائرة لتشمل من كفر بالملائكة أى أنكر وجودهم ومن كفر بكتب الله ورسله واليوم الآخر، وتلك ظاهرة عند بعض المعاصرين ممن يظهرون الإيمان، لكن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر كلّ لا يتجزأ، وإن إنكار ركن من هذه الأركان الخمسة يخرج بصاحبه عن دائرة الإيمان، وفى ذلك يقول الله عز وجل فى محكم كتابه وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً (٤) ثم تتضمن الآية التالية صورة أخرى للكفر هى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ثم تجىء الآية التالية لتكمل صورة الكفار بالمنافقين وذلك فى قول الله عز وجل: بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (٥).

والمنافقون من أشد الكفار خطرا على المؤمنين؛ لأنهم يعمدون إلى الخديعة حين يتظاهرون بالإيمان ويبطنون أشد أنواع الكفر حقدا على المؤمنين وتضليلا لهم، ومن ثمّ كان مكانهم فى الآخرة هو الدرك الأسفل من النار تصديقا لقوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (٦) وفى وصف تضليل هؤلاء المنافقين وخداعهم يقول المولى عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ


(٢) النساء الآيات ١٦٧ - ١٦٩.
(٣) سورة محمد الآية ٣٤.
(٤) النساء من الآية ١٣٦.
(٥) النساء الآيات ١٣٧ - ١٣٩.
(٦) سورة النساء الآية ١٤٥.