للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٢٣).

ومن آيات الله العظمى، ومننه الكبرى:

الرواسى؛ التى هى الجبال التى تشكّل ميزانا للأرض فى حركتها وثباتها؛ فضلا عما تضمه هذه الجبال من نعم يتأمل العابد أمرها، وذلك فى قول الله سبحانه وتعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) (٢٤).

إلى هذه النعم الكبرى التى احتوتها الآيتان سالفتى الذكر الدواب والأنعام التى خلقها المولى ورزقها، وجعل منها رزقا لعباده فى مختلف بقاع الأرض، وتصديقا لهذا القول فإن الله- سبحانه وتعالى- يقول فى سورة هود وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦) (٢٥).

وقد يعرف الإنسان مكان الدواب التى ينتفع بها ويتملكها، ولكن ثمة دواب أخرى لا يعلم مستقرها ومستودعها إلا الله، فتلك المخلوقات التى تعيش فى باطن الأرض وبين الأحجار، وبعضها لا يعيش إلا داخل الحجر نفسه، وتلك آية من آيات الله التى لا يقدر عليها إلا الخالق الأعظم الذى خلق كل شىء، ورزق كل شىء.

ومنن الله- سبحانه وتعالى- فى الأرض لا حدود لها، ففيها ألقى الرواسى، وفيها أنبت كل شىء مما يحتاجه العباد فى معاشهم؛ بل إن الله- سبحانه وتعالى- أرسل الرياح لتعمل عملها بين السحاب الذى ينزله الله من السماء ماء لسقيا خلقه من إنسان، وحيوان، ونبات؛ بل إنه- سبحانه، يخزن بعضا من هذا الماء فى جوف الأرض لكى يتفجر من بين الأحجار ماء عذبا ذلالا يجرى فيصنع أنهارا يستقى منها الإنسان والحيوان والنبات، ويتمثل ذلك فى قول الله- عز وجل:

وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠)


(٢٣) سورة النحل: الآيات ٨٠ - ٨٢.
(٢٤) سورة فاطر: الآيتان ٢٧، ٢٨.
(٢٥) سورة هود: الآية ٦.