للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى التعبير عن معناه بكلام آخر من لغة أخرى مع الوفاء بجميع مقاصده ومعانيه، كأن الكلام فيها قد نقل من لغته الأولى إلى اللغة الثانية، مع أن الواقع ونفس الأمر يشهدان بأن الكلام نفسه لا ينقل من لغته بحال (٨).

وعلى ذلك فيمكننا أن نعرف الترجمة فى هذا العرف العام بأنها عبارة عن: التعبير عن معنى كلام فى لغة بكلام آخر من لغة أخرى مع الوفاء بجميع معانيه ومقاصده.

فكلمة: «التعبير» جنس وما بعده من القيود فصل.

وقولنا: «عن معنى كلام» يخرج به التعبير عن المعنى القائم بالنفس حين يخرج فى صورة اللفظ أول مرة.

وقولنا: «بكلام آخر» يخرج به التعبير عن المعنى بالكلام الأول نفسه، ولو تكرر ألف مرة.

وقولنا: «من لغة أخرى» يخرج به التفسير بلغة الأصل، ويخرج به- أيضا- التعبير بمرادف مكان مرادفه، أو بكلام بدل آخر مساو له على وجه لا تفسير فيه، واللغة واحدة فى الجميع.

وقولنا: «مع الوفاء بجميع معانيه ومقاصده» يخرج به تفسير الكلام بلغة غير لغته، فإن التفسير لا يشترط فيه الوفاء بكل معانى الأصل المفسر ومقاصده، بل يكفى فيه البيان ولو من وجه (٩).

وقد عرفت الترجمة- أيضا- اصطلاحا بأنها (١٠): نقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى عن طريق التدرج من الكلمات الجزئية إلى الجمل والمعانى الكلية وهذا التعريف يحتوى على عنصرين:

الأول: أن الترجمة عبارة عن نقل للكلام، فبينما يكون الكلام فى لغة من اللغات يتحول- بواسطة الترجمة- إلى لغة أخرى.

الثانى: أن الترجمة تتم عن طريق التدرج من الكلمات الجزئية إلى الجمل والمعانى الكلية، فإن هذا العنصر يدل على شرط استيفاء الترجمة للكلام المترجم، فلا بد من ترجمة المفردات واحدة واحدة، والملاءمة بينها وبين المعنى الأصلى للكلام.

والنتيجة المنطقية لهذا التعريف (١١): أن الترجمة لا بدّ فيها من نقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى مع الوفاء بجميع مقاصده ومعانيه كأنك نقلت الكلام نفسه من لغته الأولى إلى لغته الثانية.

فيفهم الناس من الترجمة أنها كالأصل ذاته تقوم مقامه فى كل ما هو مقصود به،


(٨) انظر: مناهل العرفان للزرقانى ٢/ ٦، ٧.
(٩) انظر: الأصلان فى علوم القرآن للدكتور القيعى ص ٣٧٢ - مناهل العرفان ٢/ ٧.
(١٠) انظر: ترجمة القرآن لعبد الوكيل الدروبى ص ١٨ وما بعدها.
(١١) انظر: ترجمة القرآن لعبد الوكيل الدروبى ص ١٨، ١٩.