أَمْرًا مُسْتَنِدًا إِلَى الْجِنْسِ لِيَسْتَقِلَّ النَّفْيَ مَعَ نِسْبَتِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مَذْكُورًا فِي الْكَلَامِ فَذَلِكَ وَإِلَّا يُقَدَّرُ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَالْكَوْنِ وَالْوُجُودِ وَأَمَّا الْكَمَالُ فَقَدْ حَقَّقَ الْمُحَقِّقُ الْكَمَالَ ضَعْفَهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَالْوُجُودُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ دُونَ الْحِسِّيِّ فَمُؤَدَّى الْحَدِيثِ نَفْيُ الْوُجُودِ الشَّرْعِيِّ لِلصَّلَاةِ الَّتِي لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَتَعَيَّنَ نَفْيُ الصِّحَّةِ وَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ الْآحَادِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْفِعْلَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِافْتِرَاضُ فَفِيهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمَطْلُوبِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِمَدْلُولِهِ لَا بِشَيْءٍ آخَرَ وَمَدْلُولُهُ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ يُوجِبُ الْقَوْلَ بِفَسَادِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفِيدُ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةُ الْمُقْتَدِي إِذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ وَقَرَأَهَا الْإِمَامُ بَقِيَ أَنَّ الْحَدِيثَ يُوجِبُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي تَمَامِ الصَّلَاةِ لَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَكِنْ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَافْعَلْ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا لِلْأَعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ» يَلْزَمُ افْتِرَاضُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلِذَلِكَ عَقَّبَ هَذَا الْحَدِيثَ بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَدَقَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute