[بَاب فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ]
١٣٣٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ «قَدِمَ عَلَيْنَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي بَلَغَنِي أَنَّكَ حَسَنُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا وَتَغَنَّوْا بِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا»
ــ
قَوْلُهُ: (وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ عَنِ الْإِبْصَارِ أَيْ قَدْ عُمِيَ قَوْلُهُ: (بِحَزَنٍ) فَتْحَتَيْنِ أَوْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ نَزَلَ مَصْحُوبًا بِمَا يَجْعَلُ الْقَلْبَ حَزِينًا وَالْعَيْنَ بَاكِيَةً إِذَا تَأَمَّلَ الْقَارِئُ فِيهِ وَتَدَبَّرَ قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا) أَيْ تَأَمَّلُوا فِيمَا فِيهِ وَابْكُوا عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ (فَتَبَاكَوْا) بِفَتْحِ كَافٍ وَسُكُونِ وَاوٍ أَصْلِيَّةٍ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْ تَكَلَّفُوا الْبُكَاءَ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَتَغَنَّوْا بِهِ قِيلَ الْمُرَادُ بِالتَّغَنِّي بِهِ هُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ وَتَزْيِينُهُ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ وَعَنْ سُؤَالِهِ وَعَنْ سَائِرِ الْكُتُبِ وَإِكْثَارُ قِرَاءَتِهِ كَمَا تُكْثِرُ الْعَرَبُ التَّغَنِّي عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الْإِبِلِ وَعِنْدَ النُّزُولِ وَحَالَ الْمَشْيِ أَوْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ وَالْإِعْلَانُ أَوِ التَّحَزُّنُ بِهِ وَلَيْسَ التَّحَزُّنُ طِيبُ الصَّوْتِ بِأَنْوَاعِ النَّغَمِ وَلَكِنْ هُوَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ مُتَأَسِّفًا عَلَى مَا وَقَعَ مِنَ التَّقْصِيرِ مُتَلَهِّفًا عَلَى مَا يُؤَمِّلُ مِنَ التَّوْقِيرِ فَإِذَا تَأَلَّمَ الْقَلْبُ وَتَوَجَّعَ حَزُنَ الصَّوْتُ وَسَالَ الْعَيْنُ بِالدُّمُوعِ فَيَسْتَلِذُّ الْقَارِئُ وَيَقْرَبُ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى جَنَابِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقِيلَ الْوَجْهُ تَفْسِيرُ التَّغَنِّي بِهِ فِي الْحَدِيثِ بِالِاسْتِغْنَاءِ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَهَ فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا وَعِيدٌ عَلَى تَرْكِ التَّغَنِّي وَلَوْ تَرَكَ سَائِرَ الْمَعَانِي أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ مِنَّا أَيْ لَيْسَ مِنَ الَّذِينَ قِرَاءَتُهُمْ كَقِرَاءَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَهُوَ بَيَانُ أَنَّهُ مَحْرُومٌ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الْوَعِيدِ اهـ وَفِي الزَّوَائِدِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو رَافِعٍ اسْمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute