[بَاب الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
َ ٢٠٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ أَمَا تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: ٥١] قَالَتْ فَقُلْتُ إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ فِي هَوَاكَ»
ــ
قَوْلُهُ (أَمَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَةُ) قَالَتْهُ تَقْبِيحًا لِهَذَا الْفِعْلِ وَتَنْفِيرًا لِلنِّسَاءِ عَنْهُ لِئَلَّا تَهَبَ النِّسَاءُ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَيَكْثُرْنَ عِنْدَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَسَبَبُ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْغَيْرَةِ وَإِلَّا فَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَهُ هَذَا خَاصَّةً وَأَنَّ النِّسَاءَ مَعْذُورَاتٍ وَمَشْكُورَاتٍ فِي ذَلِكَ لِعَظِيمِ بَرَكَتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَيُّ مَنْزِلَةٍ أَشْرَفُ مِنَ الْقُرْبِ لَا سِيَّمَا مُخَالَطَةَ اللُّحُومِ وَمُشَابَكَةِ الْأَعْضَاءِ قَوْلُهُ (فَقُلْتُ إِنَّ رَبَّكَ إِلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ تَرْكِ ذَلِكَ التَّنْفِيرِ وَالتَّقْبِيحِ لِمَا رَأَتْ مِنْ مُسَارَعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَرْضَاةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَيْ كُنْتُ أُنَفِّرُ النِّسَاءَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يُسَارِعُ فِي مَرْضَاةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَرَكْتُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِمَرْضَاتِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ يُخَفِّفُ عَنْكَ وَيُوَسِّعُ عَلَيْكَ فِي الْأُمُورِ وَلِهَذَا خُيِّرَ وَقِيلَ قَوْلُهَا الْمَذْكُورُ أَبْرَزَتْهُ لِلْغَيْرَةِ وَالدَّلَالِ وَإِلَّا فَإِضَافَةُ الْهَوَى إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ فَإِنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مُنَزَّهٌ عَنِ الْهَوَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] وَهُوَ مِمَّنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى وَلَوْ قَالَتْ فِي مَرْضَاتِكَ كَانَ أَوْلَى اهـ وَقَدْ يُقَالُ الْمَذْمُومُ هُوَ الْهَوَى الْخَالِي عَنِ الْهُدَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: ٥٠] وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute